للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا الأثر عن أبي بكرٍ الصِّدِّيق، فلا ندري من أخبر ابن وهب عن ابن شهابٍ، ولا من أخبر ابنَ شهابٍ عن الصِّدِّيق، ومثل هذا لا يُحتجُّ به.

وأمَّا الأثر عن علي، ففيه ابن ضمرة (١) في غاية الضَّعف.

ومثلُ هذه الآثار السَّاقطة المعلولة لا تُقدَّم على الآثار الَّتي رواها الأئمَّة الثِّقات الأثبات، حتَّى قال بعض الحفَّاظ: إنَّ نقْلها نقلُ تواترٍ، وقد ظهر أنَّه لم يصحَّ عن صحابيٍّ خلافُها البتَّة، بل هذا جابر وأبو هريرة وابن عبَّاسٍ يقولون: ثمن الكلب خبيثٌ.

قال وكيعٌ (٢): ثنا إسرائيل، عن عبد الكريم، عن قيس بن حَبْتَر (٣)، عن ابن عبَّاسٍ رفعَه: «ثمنُ الكلب، ومَهْر البغيِّ، وثمنُ الخمر حرامٌ».

وهذا أقلُّ ما فيه أن يكون قول ابن عبَّاسٍ.

وأمَّا قياس الكلب على البغل والحمار فمن أفسدِ القياس، بل قياسه على الخنزير أصحُّ من قياسه عليهما؛ لأنَّ الشَّبّه الذي بينه وبين الخنزير أقربُ من الشَّبَه الذي بينه وبين البغل والحمار، ولو تعارض القياسان لكان القياس المؤيَّد بالنَّصِّ الموافق له أصحَّ وأولى من القياس المخالف له.

فإن قيل: كان النَّهي عن ثمنها حين كان الأمر بقتلها، فلمَّا حُرِّم قتلُها


(١) كذا في النسخ، والصواب: «ضميرة» كما سبق التنبيه عليه.
(٢) أخرجه من طريقه ابن أبي شيبة (٢١٣٠٧، ٣٧٣٨٧) وأحمد (٢٠٩٤) والضياء المقدسي في «المختارة» (١٣/ ٤٠)، وقد تقدم تخريجه عن ابن عباس.
(٣) ص، د، ز: «جبير»، تصحيف.