للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأُبيح اتِّخاذ بعضها نُسِخ النَّهي، فنُسِخ تحريم البيع.

قيل: هذه دعوى باطلةٌ، ليس مع مدَّعيها بصحَّتها دليلٌ ولا شبهةٌ، وليس في الأثر ما يدلُّ على صحَّة هذه الدَّعوى البتَّةَ بوجهٍ من الوجوه. ويدلُّ على بطلانها: أنَّ أحاديث تحريم بيعها وأكلِ ثمنها مطلقةٌ عامَّةٌ كلُّها، وأحاديث الأمر بقتلها والنَّهي عن اقتنائها نوعان: نوعٌ كذلك وهو المتقدِّم، ونوعٌ مقيَّدٌ مخصَّصٌ وهو المتأخِّر، فلو كان النَّهي عن بيعها مقيَّدًا مخصوصًا لجاءت به الآثار كذلك، فلمَّا جاءت عامَّةً مطلقةً عُلِم أنَّ عمومها وإطلاقها مرادٌ، فلا يجوز إبطاله. والله أعلم.

فصل

الحكم الثَّاني: تحريم بيع السِّنَّور، كما دلَّ عليه الحديث الصَّحيح الصَّريح الذي رواه جابر، وأفتى بموجبه، كما رواه قاسم بن أصبغ (١): ثنا محمَّد بن وضَّاحٍ، ثنا محمد بن آدم، ثنا عبد الله بن المبارك، ثنا حمَّاد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه أنَّه كره ثمنَ الكلب والسِّنَّور.

قال أبو محمد (٢): فهذه فتيا جابر بن عبد اللَّه بما رواه (٣)، ولا يُعرف له مخالفٌ من الصَّحابة. وكذلك أفتى أبو هريرة (٤)، وهو مذهب طاوسٍ


(١) ذكره ابن حزم في «المحلى» (٩/ ١٣)، وإسناده صحيح، وقد تقدم تخريجه.
(٢) في «المحلى» (٩/ ١٣).
(٣) في المطبوع: «أنه كره بما رواه» خلاف النسخ و «المحلى».
(٤) تقدم تخريجه (ص ٤٥١).