للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ ذلك خبيثٌ على أيِّ وجهٍ كان، حرَّةً كانت أو أمةً، ولا سيَّما فإنَّ البِغاء إنَّما كان على عهدهم في الإماء دون الحرائر، ولهذا قالت هند وقتَ البيعة: أَوَ تَزني الحرَّة؟! (١).

ولا نزاعَ بين الفقهاء في أنَّ الحرَّة البالغة العاقلة إذا مَكَّنت رجلًا من نفسها فزنى بها أنَّه لا مهْرَ لها، واختُلِف في مسألتين، إحداهما: الحرَّة المُكْرَهة. والثَّانية: الأمة المطاوعة.

فأمَّا الحرَّة المُكْرَهة على الزِّنا، ففيها أربعة أقوالٍ، وهي رواياتٌ منصوصاتٌ عن أحمد (٢):

أحدها: أنَّ لها المهرَ بكرًا كانت أو ثيِّبًا، سواءٌ وُطِئتْ في قُبُلِها أو دُبُرِها.

والثَّاني: أنَّها إن كانت ثيِّبًا فلا مهرَ لها، وإن كانت بكرًا فلها المهر. وهل يجب معه أَرْشُ البكارة؟ على روايتين منصوصتين. وهذا القول اختيار أبي بكر.

والثَّالث: أنَّها إن كانت ذاتَ محرمٍ فلا مهرَ لها، وإن كانت أجنبيَّةً فلها المهر.

والرَّابع: أنَّ من تحرم ابنتُها كالأمِّ والبنت والأخت فلا مهرَ لها، ومن تحلُّ ابنتها كالعمَّة والخالة فلها المهر.

وقال أبو حنيفة: لا مهرَ للمكرهة على الزِّنا بحالٍ، بكرًا كانت أو ثيِّبًا.


(١) أخرجه أبو يعلى (٤٧٥٤) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (١٠/ ٣٣٥١) من حديث عائشة، وفي إسناده مجاهيل. وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» (٨/ ٩، ٢٣٧) مرسلًا عن عمرو بن مهران والشعبي، وصححه عنهما الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (٨/ ٣٤٦).
(٢) انظر: «المغني» (١٠/ ١٨٦).