للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن أوجب المهر قال: إنَّ استيفاء هذه المنفعة جُعِل مُقوَّمًا في الشَّرع بالمهر، وإنَّما لم يجب للمختارة؛ لأنَّها باذلةٌ للمنفعة الَّتي عوضها لها، فلم يجب لها شيءٌ، كما لو أذنت في إتلاف عضوٍ من أعضائها لمن أتلفه.

ومن لم يوجبه قال: الشَّارع إنَّما جعل هذه المنفعة متقوِّمًا (١) بالمهر في عقدٍ أو شبهة عقدٍ، ولم يُقوِّمها بالمهر في الزِّنا البتَّة، وقياس السِّفاح على النِّكاح من أفسد القياس.

قالوا: وإنَّما جَعلَ الشَّارع في مقابلة هذا الاستمتاع الحدَّ والعقوبةَ، فلا يجمع بينه وبين ضمان المهر.

قالوا: والوجوب إنَّما يُتلقَّى من الشَّارع من نصِّ خطابه، أو عمومه، أو فَحْواه، أو تنبيهه، أو معنى نصِّه، وليس شيءٌ من ذلك ثابتًا متحقِّقًا عنه. وغاية ما يُدَّعى قياسُ السِّفاح على النِّكاح، ويا بُعْدَ ما بينهما!

قالوا: والمهر إنَّما هو من خصائص النِّكاح لفظًا ومعنًى، ولهذا إنَّما يضاف إليه فيقال: مهر النِّكاح، ولا يضاف إلى الزِّنا، فلا يقال: مهر الزِّنا، وإنَّما أطلق النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المهر بالعقد (٢)، كما قال: «إنَّ الله حرَّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام» (٣). وكما قال: «من باع حرًّا وأكلَ ثمنَه» (٤). ونظائره كثيرةٌ.


(١) ص، د، ح: «متقدمًا». والتصحيح من هامش م.
(٢) في النسخ: «بالنقد». والمثبت يقتضيه السياق.
(٣) أخرجه البخاري (٢٢٣٦) ومسلم (١٥٨١) من حديث جابر - رضي الله عنه - وقد تقدم (ص ٤١٩).
(٤) أخرجه البخاري (٢٢٧٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.