للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجارة صحيحةٌ يستحقُّ بها الأجرة مع الكراهة للفعل والأجرة. والثَّانية: لا تصحُّ الإجارة، ولا يستحقُّ بها أجرةً وإن حمل. وهذا على قياس قوله في الخمر: لا يجوز إمساكها، وتجب إراقتها.

قال في رواية أبي طالب: إذا أسلم وله خمرٌ أو خنازير، تُصَبُّ الخمر وتُسَرَّح الخنازير، قد حرما عليه، وإن قتلها فلا بأس. فقد نصَّ أنَّه لا يجوز إمساكها. ولأنَّه قد نصَّ في رواية ابن منصور (١): أنَّه يكره أن يُؤاجِر نفسَه لنظارة كَرْمٍ من (٢) النصراني؛ لأنَّ أصل ذلك يرجع إلى الخمر، إلا أن يعلم أنَّه يباع لغير الخمر.

فقد منع من إجارة نفسه على حمل الخمر، وهذه طريقة القاضي في «تعليقه»، وعليها أكثر أصحابه. والمنصور عندهم: الرِّواية المخرَّجة، وهي عدم الصِّحَّة، وأنَّه لا يستحقُّ أجرةً، ولا يُقضى له بها، وهي مذهب مالك والشَّافعيِّ وأبي يوسف ومحمد.

هذا إذا استأجر على حملها إلى بيته للشُّرب أو لأكلِ الخنزير أو مطلقًا. فأمَّا إذا استأجره لحملها لِيُرِيقها، أو لينقل الميتة إلى الصَّحراء لئلَّا يتأذَّى بها، فإنَّ الإجارة تجوز حينئذٍ؛ لأنَّه عملٌ مباحٌ، لكن إن كانت الأجرة جلد الميتة لم تصحَّ، واستحقَّ أجرة المثل، وإن كان قد سلخَ الجلدَ وأخذَه ردَّه على صاحبه، هذا قول شيخنا (٣)، وهو مذهب مالك. والظَّاهر أنَّه مذهب الشَّافعيِّ.


(١) هو الكوسج، انظر: «مسائله» (٢/ ٥٣٣).
(٢) كذا في النسخ «من». وليست في «المسائل» و «اقتضاء الصراط».
(٣) في «اقتضاء الصراط المستقيم» (٢/ ٤٥).