للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا خبيث لرائحتِه، وهذا خبيثٌ لمكسبِه (١)، وبالله التوفيق.

فإن قيل: فما أطيبُ المكاسبِ وأحلُّها؟

قيل: هذا فيه ثلاثة أقوالٍ للفقهاء:

أحدها: أنَّه كسب التِّجارة.

والثَّاني: أنَّه عمل اليد في غير الصَّنائع الدَّنيئة كالحجامة ونحوها.

والثَّالث: أنَّه (٢) الزِّراعة.

ولكلِّ قولٍ من هذه وجهٌ من التَّرجيح أثرًا ونظرًا، والرَّاجح أنَّ أحلَّها الكسبُ الذي جُعِل منه رزقُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو كسبُ الغانمين ما (٣) أُبِيح لهم على لسان الشَّارع، وهذا الكسب قد جاء في القرآن مدحُه أكثر من غيره، وأُثنِي على أهله ما لم يُثْنَ على غيرهم؛ ولهذا اختاره الله لخير خلقه وخاتم أنبيائه ورسله، حيث يقول: «بُعِثتُ بالسَّيف بين يدي السَّاعة حتَّى يُعبد الله وحدَه لا شريك له، وجُعِل رزقي تحتَ ظِلِّ رُمْحي، وجُعِل الذِّلَّة والصَّغار على من خالف أمري» (٤)، وهو الرِّزق المأخوذ بعزَّةٍ وشرفٍ وقهرٍ لأعداء اللَّه، وجُعِل أحبَّ شيءٍ إلى اللَّه، فلا يقاومه كسبٌ غيره. والله أعلم.


(١) م: «لكسبه».
(٢) ص، د، ز: «أنها».
(٣) في المطبوع: «وما» خلاف النسخ. و «ما أبيح» مفعول اسم الفاعل «الغانمين».
(٤) أخرجه أحمد (٥١١٤) وعبد بن حميد في «مسنده» (٨٤٨) والطبراني في «مسند الشاميين» (١/ ١٣٥) من طرق عن عبد الرحمن بن ثابت عن حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر به. وعبد الرحمن متكلم في حفظه، وللحديث شواهد، وأخرج أبو داود (٤٠٣١) الشطر الأخير منه، وصحح الحديث الألباني في «الإرواء» (١٢٦٩).