للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبعًا، والغالب حصوله عقيبَ نَزْوِه، فيكون كالعقد على الظِّئر؛ ليحصل اللَّبن في بطن الصَّبيِّ، وكما لو استأجر أرضًا وفيها بئر ماءٍ، فإنَّ الماء يدخل تبعًا، وقد يُغتفر في الأتباع ما لا يُغتفر في المتبوعات.

وأمَّا مالك فحُكِي عنه جوازه، والَّذي ذكره أصحابه التَّفصيل، فقال صاحب «الجواهر» (١) في باب فساد العقد من جهة نهي الشَّارع: ومنها بيع عَسْب الفحل، ويُحمل النَّهي فيه على استئجار الفحل على لِقاح الأنثى، وهو فاسدٌ؛ لأنَّه غير مقدورٍ على تسليمه، فأمَّا إن استأجره على أن يحمله عليها (٢) دفعاتٍ معلومةً فذلك جائزٌ، إذ هو أمدٌ معلومٌ في نفسه، ومقدورٌ على تسليمه.

والصَّحيح تحريمُه مطلقًا وفسادُ العقد به على كلِّ حالٍ، ويحرم على الآخذ (٣) أخذُ أجرة ضِرابه، ولا يحرم على المعطي؛ لأنَّه بذل ماله في تحصيل مباحٍ يحتاج إليه، ولا يُمنع من هذا كما في كسب الحجَّام وأجرة الكَسَّاح (٤). والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عمَّا يعتادونه من استئجار الفحل للضِّراب، وسمَّى ذلك بيعَ عَسْبه، فلا يجوز حمْلُ كلامه على غير الواقع والمعتاد، وإخلاءُ الواقع من البيان، مع أنَّه الذي قصد بالنَّهي. ومن المعلوم أنَّه ليس للمستأجر غرضٌ صحيحٌ في نَزْو الفحل على الأنثى الذي له دَفَعاتٌ معلومةٌ، وإنَّما غرضه نتيجة ذلك وثمرته، ولأجله بذلَ ماله.


(١) «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٤٢١).
(٢) في المطبوع: «فأما أن يستأجره على أن ينزو عليه» خلاف النسخ و «عقد الجواهر».
(٣) في المطبوع: «الآخر» خلاف النسخ. والمثبت هو الصواب بقرينة «المعطي» الآتية فيما بعد.
(٤) أي الكنَّاس.