للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ من حقِّها إطراقَ فَحْلِها وإعارةَ دَلْوِها» (١). فهذه حقوقٌ يضرُّ بالنَّاس منعُها إلا بالمعاوضة، فأوجبت الشَّريعة بذْلَها مجَّانًا.

فإن قيل: فإذا أهدى صاحب الأنثى إلى صاحب الفحل هديَّةً، أو ساق إليه كرامةً، فهل له أخذُها؟

قيل: إن كان ذلك على وجه المعاوضة والاشتراط في الناظر (٢) لم يحلَّ له أخذُه، وإن لم يكن كذلك فلا بأس به. قال أصحاب أحمد والشَّافعيِّ: وإن أعطى صاحبَ الفحل هديَّةً أو كرامةً من غير إجارةٍ جاز، واحتجَّ أصحابنا بحديثٍ روي عن أنس عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «إذا كان إكرامًا فلا بأسَ»، ذكره صاحب «المغني» (٣). ولا أعرِفُ حالَ هذا الحديث ولا من خرَّجه (٤)، وقد نصَّ أحمد في رواية ابن القاسم (٥) على خلافه، فقيل له: ألا يكون مثل


(١) أخرجه مسلم (٩٨٨) من حديث جابر - رضي الله عنه -، وبنحوه البخاري (٦٩٥٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «الباطن».
(٣) (٦/ ٣٠٣).
(٤) ذكره ابن قدامة بالمعنى، والحديث أخرجه الترمذي (١٢٧٤) والنسائي (٤٦٧٢) والطبراني في «الأوسط» (٦/ ١٢٦) ــ ومن طريقه الضياء المقدسي في «المختارة» (٧/ ١٥٣) ــ والبيهقي في «السنن الكبرى» (٥/ ٥٥٤) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رجلًا من كلاب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل؟ فنهاه، فقال: يا رسول الله، إنا نُطرِق الفحل فنُكْرَم، فرخص له في الكرامة. قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب».
(٥) كما في المصدر السابق (٦/ ٣٠٤).