للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو عبيد عنه (١). وقال أبو هريرة: ابن السَّبيل أوَّلُ شاربٍ (٢).

فأمَّا ما حازه في إنائه أو قِربته فذاك غير المذكور في الحديث، وهو بمنزلة سائر المباحات إذا حازها إلى مِلْكه ثمَّ أراد بيعها، كالحطب والكلأ والملح، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يأخذ أحدكم حبلًا، فيأخذ حُزْمةً من حَطَبٍ فيبيع، فيكفَّ الله بها وجهَه، خيرٌ له من أن يسأل النَّاسَ أُعطِي أو مُنِع». رواه البخاريُّ (٣).

وفي «الصَّحيحين» (٤) عن علي أنه قال: أصبتُ شَارِفًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مغنمٍ يوم بدرٍ، وأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شارفًا آخر، فأنختُهما يومًا عند باب رجلٍ من الأنصار، وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرًا لأبيعه. وذكر الحديث.

فهذا في الكلأ والحطب المباح بعد أخذه وإحرازه، وكذلك السَّمك وسائر المباحات، وليس هذا محلَّ النَّهي بالضَّرورة، ولا محلُّ النَّهي أيضًا بيع مياه الأنهار الكبار المشتركة بين النَّاس؛ فإنَّ هذا لا يمكن منعُها والحَجْرُ عليها، وإنَّما محلُّ النَّهي صورٌ، أحدها: المياه المنتقعة من الأمطار إذا


(١) في «الأموال» (٧٣٨)، وأخرجه أيضًا ابن زنجويه في «الأموال» (١٠٩٩)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٠/ ٤).
(٢) أخرجه أحمد (١٠٤١١)، وابن زنجويه في «الأموال» (١٠٧٥، ١١٠١)، والطبراني في «الصغير» (٢٥٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٦/ ١٥٥) من طرق عن هشيم عن عوف عن رجل عن أبي هريرة مرفوعًا. ورواه ابن المبارك عن عوف، قال: بلغني عن أبي هريرة، فذكره من قوله كما في «السنن الكبرى» للبيهقي (٦/ ١٥٥).
(٣) برقم (١٤٧١).
(٤) البخاري (٢٣٧٥) ومسلم (١٧٩٧).