للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجتمعت في أرضٍ مباحةٍ، فهي مشتركةٌ بين النَّاس، وليس أحدٌ أحقَّ بها من أحدٍ إلا بالتَّقديم لقرب أرضه، كما سيأتي إن شاء الله. فهذا النَّوع لا يحلُّ بيعه ولا منعه، ومانعه عاصٍ مستوجبٌ لوعيدِ الله ومنْعِ فضْلِه، إذ منَعَ فضْلَ ما لم تعمل يداه.

فإن قيل: فلو اتَّخذ في أرضه المملوكة له حُفرةً يجمع فيها الماء، أو حفَرَ بئرًا، فهل يملكه بذلك، ويحلُّ له بيعه؟

قيل: لا ريب أنَّه أحقُّ به من غيره، ومتى كان الماء النَّابع في ملكه والكلأ والمعدن وَفْقَ (١) كفايته لشربه وشرب ماشيته ودوابِّه لم يجب عليه بذلُه، نصَّ عليه أحمد (٢). وهذا لا يدخل تحت وعيد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه إنَّما توعَّد مَن منع فَضْلَ الماء، ولا فضْلَ في هذا.

فصل

وما فضَلَ منه عن حاجته وحاجة بهائمه وزرعه، واحتاج إليه آدميٌّ مثلُه أو بهائمه، بذلَه بغير عوضٍ، ولكلِّ واحدٍ أن يتقدَّم إلى الماء ويشرب ويسقي ماشيته، وليس لصاحب الماء منعه من ذلك، ولا يلزم الشَّاربَ وساقيَ البهائم عوضٌ. وهل يلزمه أن يبذل له الدَّلو والبَكَرة والحبل مجَّانًا، أو له أن يأخذ أجرته؟ على قولين، وهما وجهان لأصحاب أحمد في وجوب إعارة المتاع عند الحاجة إليه، أظهرهما دليلًا وجوبُه، وهو من الماعون.


(١) كذا في النسخ، وهو الصواب. وفي المطبوع: «فوق»، تحريف.
(٢) كما في «المغني» (٦/ ٣٧٧).