للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أحمد (١): إنَّما هذا في الصَّحاري والبريَّة دون البنيان. يعني: أنَّ البنيان إذا كان فيه الماء فليس لأحدٍ الدُّخولُ إليه إلا بإذن صاحبه.

وهل يلزمه بذلُ فضلِ مائه لزرع غيره؟ فيه قولان، وهما روايتان عن الإمام أحمد (٢):

أحدهما: لا يلزمه، وهو مذهب الشَّافعيِّ؛ لأنَّ الزَّرع لا حرمة له في نفسه، ولهذا لا يجب على صاحبه سَقْيُه، بخلاف الماشية.

والثَّاني: يلزمه بذلُه، واحتجَّ لهذا القول بالأحاديث المتقدِّمة وعمومها، وبمَّا رُوِي عن عبد الله بن عمرٍو أنَّ قيِّم أرضه بالوَهْط (٣) كتب إليه يخبره أنَّه (٤) سقى أرضه، وفضَلَ له من الماء فضْلٌ يُطلَب بثلاثين ألفًا، فكتب إليه عبد الله بن عمرٍو: أَقِمْ قِلْدَك (٥)، ثمَّ اسْقِ الأدنى فالأدنى، فإنِّي سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن بيع فضلِ الماء (٦).


(١) كما في المصدر السابق (٦/ ٣٧٨).
(٢) كما في المصدر السابق.
(٣) الوهط: المكان المطمئن المستوي يُنبت العضاه والسمر والطلح، وقد كان بستانًا لعمرو بن العاص بالطائف على ثلاثة أميال من وج، وهو كَرْم كان على ألف ألف خشبة اشترى كلّ خشبة بدرهم. انظر: «معجم البلدان» (٥/ ٣٨٦).
(٤) ص، د، ز: «أن».
(٥) القِلْد: النصيب من الماء، قال أبو عبيد في «الأموال»: القِلْد يوم الشِّرب.
(٦) أخرجه يحيى بن آدم في «الخراج» (٣٤٠) ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» (٦/ ١٦)، وعلقه القاسم بن سلام في «الأموال» (٧٤٨) وابن زنجويه في «الأموال» (١١١٨)، وأصله في «مسند أحمد» (٦٧٢٢) والنسائي (٤٦٦٢) مختصرًا.