للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وفي منعه من سقي الزَّرع إهلاكُه وإفساده، فحُرِّم (١) كالماشية. وقولكم: «لا حرمةَ له» فلصاحبه حرمةٌ فلا يجوز التَّسبُّب إلى إهلاك ماله، ومن سلَّم لكم أنَّه لا حرمةَ للزَّرع؟ قال أبو محمَّدٍ المقدسيُّ (٢): ويحتمل أن يُمنَع نفيُ الحرمة عنه، فإنَّ إضاعة المال منهيٌّ عنها، وإتلافه محرَّمٌ، وذلك دليلٌ على حرمته.

فإن قيل: فإذا كان في أرضه أو داره بئرٌ نابعةٌ، أو عينٌ مستنبطةٌ، فهل تكون مِلْكًا له تبعًا لملك الأرض والدَّار؟

قيل: أمَّا نفس البئر وأرض العين فمملوكةٌ لمالك الأرض، وأمَّا الماء ففيه قولان، هما روايتان عن أحمد، ووجهان لأصحاب الشَّافعيِّ (٣):

أحدهما: أنَّه غير مملوكٍ؛ لأنَّه يجري من تحت الأرض إلى ملكه، فأشبه الجاري في النَّهر إلى ملكه.

والثَّاني: أنَّه مملوكٌ له، قال أحمد (٤) في رجلٍ له أرضٌ ولآخر ماءٌ، فاشترك صاحب الأرض وصاحب الماء في الزَّرع، ويكون بينهما، فقال: لا بأس. وهذا القول اختيار أبي بكر.

وفي معنى الماء المعادن الجارية في الأملاك، كالقَار والنِّفْط والمُومِيا (٥)


(١) أي صار للزرع حرمة كالماشية.
(٢) في «المغني» (٦/ ٣٧٩).
(٣) انظر: «المغني» (٦/ ١٤٥).
(٤) كما في المصدر السابق.
(٥) الموميا: قار معدني. وقال بعضهم: هي رطوبة أرضية تسيل من سموت الغيران. انظر: «تكملة المعاجم العربية» (١٠/ ١٣٤).