للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتَّى تنفرد سَالِفتي (١). وهي العنق.

ولفظ «السَّلف» يتناول القرض والسَّلَم؛ لأنَّ المُقرِض أيضًا سلَّف القرض، أي قدَّمه، ومنه هذا الحديث: «لا يحلُّ سَلَفٌ وبيعٌ» (٢)، ومنه الحديث الآخر: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - استسلف بَكْرًا، وقضى جملًا رَباعيًا (٣). والَّذي يبيع ما ليس عنده لا يقصد إلا الرِّبح، وهو تاجرٌ، فيُسلِف بسعرٍ، ثمَّ يذهب فيشتري بمثل ذلك الثَّمن، فإنَّه يكون قد أتعب نفسه لغيره بلا فائدةٍ، وإنَّما يفعل هذا من يتوكَّل لغيره فيقول: أعطني، فأنا أشتري لك (٤) هذه السِّلعة، فيكون أمينًا. أمَّا أنَّه يبيعها بثمنٍ معيَّنٍ يقبضه، ثمَّ يذهب فيشتريها بمثل ذلك الثَّمن من غير فائدةٍ في الحال، فهذا لا يفعله عاقلٌ. نعم إذا كان هناك تاجرٌ، فقد يكون محتاجًا إلى الثَّمن فيستسلفه، وينتفع به مدَّةً إلى أن تَحصُل تلك السِّلعة، فهذا يقع في السَّلم المؤجَّل، وهو الذي يُسمَّى بيع المفاليس، فإنَّه يكون محتاجًا إلى الثَّمن وهو مفلسٌ، وليس عنده في الحال ما يبيعه، ولكن له


(١) أخرجه البخاري (٢٧٣١) ضمن قصة الحديبية من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من قول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.
(٢) تقدم تخريجه من حديث عبد الله بن عمرو (ص ٤٩٧).
(٣) أخرجه مالك (١٩٨٨) ومن طريقه مسلم (١٦٠٠) من حديث أبي رافع - رضي الله عنه -.
(٤) د، ص: «كل».