للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واللَّوز والمِسك (١) في أوعيتها، فلا يصحُّ إلحاقه بها.

وأمَّا بيع اللَّبن في الضَّرْع، فمنعه أصحاب أحمد والشَّافعيِّ وأبي حنيفة، والَّذي يجب فيه التَّفصيل، فإن باع الموجود المشاهَدَ في الضَّرع، فهذا لا يجوز مفردًا ويجوز تبعًا للحيوان؛ لأنَّه إذا بِيع مفردًا تعذَّر تسليم المبيع بعينه؛ لأنَّه لا يُعرف مقدار ما وقع عليه البيع، فإنَّه وإن كان مشاهدًا كاللَّبن في الظَّرف، لكنَّه إذا حلبه خلَفَه مثلُه ممَّا لم يكن في الضَّرع، فاختلط المبيع بغيره على وجهٍ لا يتميَّز. وإن صحَّ الحديث الذي رواه ابن ماجه في «سننه» (٢) من حديث ابن عبَّاسٍ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُباع صوفٌ على ظهرٍ، أو لبنٌ في ضَرْعٍ= فهذا إن شاء الله محملُه. وأمَّا إن باعه آصُعًا معلومةً من اللَّبن يأخذه من هذه الشَّاة، أو باعه لبنَها أيَّامًا معلومةً، فهذا بمنزلة بيع الثِّمار قبل بدوِّ صلاحها لا يجوز، وأمَّا إن باعه لبنًا مطلقًا موصوفًا في الذِّمَّة، واشترط كونه من هذه الشَّاة أو البقرة، فقال شيخنا (٣): هذا جائزٌ، واحتجَّ بما في «المسند» (٤) من أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُسلم في حائطٍ بعينه إلا أن يكون قد بدا صلاحه. قال: فإذا بدا صلاحه وقال: أسلمتُ إليك في عشرة أوسُقٍ من تمر


(١) ص، د، م: «السمك»، تحريف.
(٢) لم أقف عليه في «سنن ابن ماجه»، وغيَّره في المطبوع إلى: «رواه الطبراني في معجمه». وهو في «المعجم الكبير» (١١/ ٣٣٨) و «المعجم الأوسط» (٤/ ١٠١)، وأخرجه أيضًا الدارقطني (٣/ ٤٠٠)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٥/ ٥٥٥)، وقال البيهقي: «تفرد برفعه عمر بن فروخ وليس بالقوي ... المحفوظ موقوف». وتُعقِّبَ بأنه قد وُثِّقَ. وينظر: «التلخيص الحبير» (٣/ ١٥).
(٣) انظر: «الفروع» (٦/ ١٤٧ - ١٤٨) و «الاختيارات» للبعلي (ص ١٧٩).
(٤) تقدم تخريجه (ص ٥٠٤).