للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لبنها معلومًا لا يختلف بالعادة جاز (١) بيعه أيَّامًا، وجرى حكمه بالعادة مجرى كيله ووزنه، وإن كان يختلف، فمرَّةً يزيد ومرَّةً ينقص أو ينقطع فهذا غررٌ لا يجوز، وهذا بخلاف الإجارة، فإنَّ اللَّبن يحدُث على مِلكه بعَلَفِه الدَّابَّةَ، كما يحدُث الحَبُّ على مِلكه بالسَّقي، فلا غرر (٢) في ذلك، نعم إن نقصَ اللَّبن عن العادة أو انقطع، فهو بمنزلة نقصان المنفعة في الإجارة أو تعطيلها، يثبت للمستأجر حقُّ الفسخ، أو ينقص عنه من الأجرة بقدر ما نقصَ عليه من المنفعة. هذا قياس المذهب. وقال ابن عقيل وصاحب «المغني» (٣): إذا اختار الإمساك لزِمه جميع الأجرة؛ لأنَّه رضي بالمنفعة ناقصةً، فلزمه جميع العوض، كما لو رضي بالمبيع معيبًا.

والصَّحيح أنَّه يسقط عنه من الأجرة بقدر ما نقص من المنفعة؛ لأنَّه إنَّما بذل العوض الكامل في منفعةٍ كاملةٍ سليمةٍ، فإذا لم يسلم له لم يلزمه جميع العوض.

وقولهم: إنَّه رضي بالمنفعة مَعِيبةً، فهو كما لو رضي بالمبيع مَعِيبًا، جوابه من وجهين:

أحدهما: أنَّه لو رضي به معيبًا بأن يأخذ أَرْشَه، كان له ذلك على ظاهر المذهب، فرِضَاه بالعيب مع الأرش لا يُسقِط حقَّه.


(١) ص، د، م: «كان».
(٢) ص، د، ز: «فلا يجوز»، تحريف.
(٣) (٨/ ٣٢).