للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التشهد الأول، ولا أعلم أحدًا قال به.

بل من الناس من قال: يتورَّك في التشهدين، وهذا مذهب مالك. ومنهم من قال: يفترش فيهما، فينصب اليمنى، ويفترش اليسرى ويجلس عليها، وهو قول أبي حنيفة. ومنهم من قال: يتورَّك في كلِّ تشهُّد يلي السلام، ويفترش في غيره، وهو قول الشافعي. ومنهم من قال: يتورَّك في كلِّ صلاة فيها تشهُّدان في الأخير (١) منهما فرقًا بين الجلوسين، وهو قول الإمام أحمد (٢).

ومعنى حديث ابن الزبير أنَّه فرَش قدمه اليمنى: أنه كان في هذا الجلوس يجلس على مقعدته، فتكون قدمه اليمنى مفروشةً، وقدمه اليسرى بين فخذه وساقه، ومقعدته على الأرض، فوقع الاختلاف في قدمه اليمنى في هذا الجلوس، هل كانت مفروشةً أو منصوبةً؟ وهذا ــ والله أعلم ــ ليس باختلاف في الحقيقة، فإنه كان لا يجلس على قدمه، بل يُخرجها عن يمينه، فتكون بين المنصوبة والمفروشة، فإنها تكون على باطنها الأيمن. فهي مفروشة بمعنى أنه ليس ناصبًا لها جالسًا على عقبه، ومنصوبة بمعنى أنه ليس جالسًا على باطنها، وظهرها إلى الأرض. فصحَّ قول أبي حميد ومن معه وعبد الله بن الزبير. أو يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل هذا وهذا، فكان ينصب قدمه، وربما فرشها أحيانًا، وهو أروح لها. والله أعلم.

ثم كان - صلى الله عليه وسلم - يتشهَّد دائمًا في هذه الجلسة، ويعلِّم أصحابه أن يقولوا:


(١) ص، ك، ع: «الآخر».
(٢) انظر: «شرح التلقين» للمازري (١/ ٥٦٠) و «بدائع الصنائع» (١/ ٢١١) و «المجموع شرح المهذب» (٣/ ٤٥٠) و «المغني» (٢/ ٢٢٥).