للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفس (١) فعله - صلى الله عليه وسلم -. وأما حديث أبي قتادة، فيمكن أن يراد به أنه كان (٢) يقتصر على الفاتحة، وأن يراد به أنه لم يكن يُخِلُّ بها في الركعتين الأخريين، بل كان يقرؤها فيهما كما كان يقرؤها في الأوليين، فكان يقرأ الفاتحة في كلِّ ركعة؛ وإن كان حديث أبي قتادة في الاقتصار أظهر، فإنه في معرض التقسيم. فإذا قال: كان يقرأ في الأوليين بالفاتحة وسورة، وفي الأخريين بالفاتحة، كان كالصريح (٣) في اختصاص كلِّ قِسم بما ذُكر فيه.

وعلى هذا فيمكن أن يقال: إن هذا كان أكثر فعله، وربما قرأ في الركعتين الأخريين بشيء فوق الفاتحة كما دلَّ عليه حديث أبي سعيد. وهذا كما أنَّ هديَه - صلى الله عليه وسلم - تطويلُ القراءة في الفجر وكان يخفِّفها أحيانًا، وتخفيفُ القراءة في المغرب وكان يطيلها أحيانًا، وتركُ القنوت في الفجر وكان يقنت فيها أحيانًا، والإسرارُ في الظهر والعصر بالقراءة وكان يُسمِع الصحابةَ فيها الآيةَ أحيانًا (٤)، وتركُ الجهر بالبسملة (٥) وكان يجهر بها أحيانًا (٦). والله أعلم.


(١) تحرَّف في ق، ك إلى «تفسير»، وفي النسخ المطبوعة: «تفسير نفس». وكأن بعضهم أثبت الصواب في حاشية نسخة، فظنَّه ناسخٌ لحقًا، فجمع في نسخته بين اللفظ المحرَّف وصوابه!
(٢) فعل «كان» ساقط من ك.
(٣) ق: «كالتصريح».
(٤) أخرجه البخاري (٧٦٢) ومسلم (٤٥١) من حديث أبي قتادة.
(٥) أخرجه البخاري (٧٤٣) ومسلم (٣٩٩) من حديث أنس.
(٦) أخرجه الترمذي (٢٤٥) والدارقطني (١١٦٢) والبيهقي (٢/ ٤٧)، وفيه أبو خالد الوالبي، مجهول. وقال الترمذي: «ليس إسناده بذاك». وقال ابن عدي في «الكامل» في ترجمة إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان (٢/ ١٢٠): «وهذا الحديث لا يرويه غير معتمر، وهو غير محفوظ سواء قال: عن أبي خالد أو عن عمران بن خالد. جميعًا مجهولين». وقال العقيلي في «الضعفاء» في ترجمة إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان (١/ ٢٥٧): «حديثه غير محفوظ، ويحكيه عن مجهول» ثم ساق الحديث المخرج آنفًا وقال: «ولا يصح في الجهر بها حديث مسند». وقد أطال ابن رجب في بحث هذه المسألة، انظر: «فتح الباري» له (٤/ ٢٨٦ - ٣٠٢).