للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما حديث ابن عباس (١): «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يلحظ في الصلاة يمينًا وشمالًا، ولا يلوي عنقَه خلفَ ظهره»، فهذا حديث لا يثبت. قال الترمذي فيه: «حديث غريب»، ولم يزد.

وقال الخلال: أخبرني الميموني أن أبا عبد الله قيل له: إن بعض الناس أسند أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلاحظ في الصلاة، فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا حتى تغيَّر وجهه، وتغيَّر لونه، وتحرَّك بدنه، ورأيته في حالٍ ما رأيته في حالٍ قطُّ سواها (٢)، وقال: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كان يلاحظ في الصلاة؟! يعني أنه أنكر ذلك، وأحسبه قال: ليس له إسناد. وقال: مَن روى هذا؟ إنما هذا (٣) عن سعيد بن المسيِّب (٤). ثم قال لي بعض أصحابنا: إن أبا عبد الله وهَّن حديثَ سعيد


(١) أخرجه الترمذي (٥٨٧) والنسائي في «الكبرى» (٥٣٤) وابن خزيمة (٤٨٥) وابن حبان (٢٢٨٨) والطبراني (١١/ ٢٢٣) والدارقطني (١٨٦٥) والحاكم (١/ ٢٣٦) والبيهقي (٢/ ١٣)، كلهم من طريق الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به. قد أعله الترمذي والدارقطني والبيهقي بأنه لم يروِه مسندًا غير الفضل بن موسى، وقد خالفه وكيع فرواه عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن بعض أصحاب عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، أخرجه الترمذي (٥٨٨) والدارقطني (١٨٦٥) والبيهقي (٢/ ١٣). وقال أبو داود في رواية أبي الطيب الأشناني (تحفة الأشراف- ٥/ ١١٧) عن المرسل إنه أصح، وقال الدارقطني في «سؤالات البرقاني» (ص ٧٦) عن حديث الفضل إنه ليس بصحيح. وانظر: «العلل الكبير» (ص ١٠٤)، «نصب الراية» (٢/ ٨٩، ٩٠)، «فتح الباري» لابن رجب (٤/ ٣١٧، ٣١٨).
(٢) هكذا في جميع النسخ والطبعات القديمة. وفي طبعة الرسالة: «أسوأ منها»، وهذا من تصرُّف الشيخ الفقي - رحمه الله -.
(٣) «إنما هذا» ساقط من ص.
(٤) أخرجها ابن أبي شيبة (٤٥٨٤) عن هشيم قال: بعض أصحابنا أخبرني عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلحظ في الصلاة ولا يلتفت.