للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي وهو يلتفت إلى الشِّعب». قال أبو داود: يعني: وكان أرسل فارسًا إلى الشِّعب من الليل يحرُس. فهذا الالتفات من الاشتغال بالجهاد في الصلاة، وهو يدخل في تداخُل العبادات كصلاة الخوف.

وقريب منه قول عمر - رضي الله عنه -: «إني لأجهِّز جيشي وأنا في الصلاة» (١)، فهذا جمعٌ بين الجهاد والصلاة (٢). ونظيره التفكُّر (٣) في معاني القرآن واستخراجُ كنوز العلم منه في الصلاة، فهذا جمعٌ بين الصلاة والعلم. فهذا لون، والتفات الغافلين اللاهين وأفكارهم لون آخر. وبالله التوفيق.

فهديه الراتب - صلى الله عليه وسلم - إطالة الركعتين الأوليين من الرُّباعيَّة على الأخريين، وإطالة الأولى من الأوليين على الثانية. ولهذا قال سعد لعمر: «أما أنا فأطيل في الأوليين، وأحذف في الأخريين، ولا آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (٤).

وكذلك كان هديه - صلى الله عليه وسلم - إطالة صلاة الفجر على سائر الصلوات كما تقدم. قالت عائشة: «فرض الله الصلاة ركعتين ركعتين، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد في صلاة الحضر إلا الفجرَ، فإنها أُقِرَّت على حالها من أجل طول القراءة، والمغربَ لأنها وتر النهار». رواه أبو حاتم ابن حبان في


(١) علقه البخاري مجزومًا به تحت (باب يفكر الرجل الشيءَ في الصلاة) قبل (١٢٢١)، وصله ابن أبي شيبة (٨٠٣٤)، وبنحوه أخرجه صالح بن الإمام أحمد في «مسائله» عن أبيه (٢/ ١٩٢).
(٢) وانظر: «الداء والدواء» (ص ٣٦٣).
(٣) ص، ج: «الفكر».
(٤) أخرجه البخاري (٧٧٠) ومسلم (٤٥٣).