للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكتَب حديثه، كان يحدِّث بالحديث عن عبيدة، وهو عنده عن منصور» (١). ومثلُ هذا لا يوجب ردَّ حديث الراوي، لأن غاية ذلك أن يكون غلِط ووهِم في ذكر عبيدة بدل منصور، ومَن الذي يسلم من هذا من المحدِّثين؟

الثالث: أن أنسًا أخبر أنهم لم يكونوا يقنتون، وأنَّ بدء القنوت هو قنوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو على رِعْلٍ وذكوان، ففي «الصحيحين» (٢) من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين رجلًا لحاجة يقال لهم القُرَّاء، فعرض لهم حيَّان من بني سُليم: رِعْل وذكوان، عند بئر يقال لها: بئر معونة. فقال القوم: والله ما إيَّاكم أردنا، إنما نحن مجتازون في حاجةٍ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقتلوهم. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا في صلاة الغداة، فذلك بدءُ القنوت، وما كنَّا نقنُت (٣)».

فهذا يدلُّ على أنه لم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - القنوت دائمًا. وقولُ أنس: «فذلك بدء القنوت» مع قوله: «قنَت شهرًا، ثم تركه» دليلٌ على أنه أراد بما أثبته من القنوت قنوتَ النوازل، وهو الذي وقَّته بشهر. وهذا كما قنَت في صلاة العتَمة شهرًا كما في «الصحيحين» (٤) عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلَمة،


(١) أخرجه ابن عدي في «الكامل» في ترجمة قيس بن الربيع (٨/ ٦٧٥) والخطيب في «تاريخ بغداد» (١٤/ ٤٧٣)، وانظر: «تهذيب الكمال» (٢٤/ ٣٢).
(٢) البخاري (٤٠٨٨) ومسلم (٦٧٧)، ولكن ليس عند مسلم ذكر بدء القنوت.
(٣) ج، ك، ع: «كان يقنت».
(٤) البخاري (٦٣٩٣) ومسلم (٦٧٥/ ٢٩٥) من طريق يحيى بن أبي كثير به بنحوه، ولفظ البخاري أخصر، وليس عند مسلم تحديد الصلاة. واللفظ أشبه بلفظ أبي داود (١٤٤٢).