للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على نسخ قنوت المغرب وإحكام قنوت الفجر.

وإن قلتم: قنوت المغرب كان قنوتًا للنَّوازل، لا قنوتًا راتبًا، قال منازعوكم من أهل الحديث: نعم كذلك هو، وكذلك قنوت الفجر سواءً، وما الفرق؟ قالوا: ويدلُّ على أنَّ قنوت الفجر كان قنوت نازلة، لا قنوتًا راتبًا أن أنسًا نفسه أخبر بذلك. وعمدتُكم في القنوت الرَّاتب إنما هو أنس، وأنس قد أخبر أنه كان قنوتَ نازلة، ثم تركه. ففي «الصحيحين» (١) عن أنس قال: «قنَت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا يدعو على أحياءٍ (٢) من أحياء العرب، ثم تركه».

الثاني: أن شبابة روى عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن سليمان قال: قلنا لأنس بن مالك: إنَّ قومًا يزعمون أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يقنُت بالفجر، فقال: كذبوا، إنما قنَت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا واحدًا يدعو على حيٍّ (٣) من أحياء المشركين» (٤). وقيس بن الرَّبيع وإن كان يحيى ضعَّفه، فقد وثَّقه غيره، وليس بدون أبي جعفر الرازي، فكيف يكون أبو جعفر حجَّةً في قوله: «لم يزل يقنُت حتى فارق الدنيا»، وقيس ليس حجَّةً في هذا الحديث، وهو أوثق منه أو مثله؛ والذين ضعَّفوا أبا جعفر أكثر من الذين ضعَّفوا قيسًا. وإنما يعرف تضعيف قيس عن يحيى، وذكر سببَ تضعيفه، فقال أحمد بن سعيد بن أبي مريم: سألتُ يحيى عن قيس بن الربيع فقال: «ضعيفٌ لا


(١) البخاري (٤٠٨٩، ٤٠٩٠) ومسلم (٦٧٧).
(٢) ك، ع: «حَيٍّ».
(٣) ق، ن: «أحياء».
(٤) أخرجه ابن الجوزي في «التحقيق» (١/ ٤٦٠).