للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعيَّن قنوتٌ؛ فمن أين لكم أن أنسًا إنما أراد هذا الدعاء المعيَّن دون سائر أقسام القنوت؟

ولا يقال: تخصيصُه القنوتَ بالفجر دون غيرها من الصلوات دليلٌ على إرادة الدعاء المعيَّن، إذ سائر ما ذكرتم من أقسام القنوت مشتركٌ بين الفجر وغيرها، وأنسٌ خصَّ الفجرَ دون سائر الصلوات بالقنوت. ولا يمكن أن يقال (١): إنه الدعاء على الكفار، ولا الدعاء للمستضعفين من المؤمنين، لأن أنسًا قد أخبر أنه كان قنَت شهرًا ثم تركه؛ فتعيَّن أن يكون هذا (٢) الذي داوم عليه هو القنوت المعروف. وقد قنت أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والبراء بن عازب، وأبو هريرة، وعبد الله بن عباس، وأبو موسى الأشعري، وأنس بن مالك، وغيرهم (٣).

والجواب من وجوه:

أحدها: أن أنسًا - رضي الله عنه - قد أخبر أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في الفجر والمغرب كما ذكره البخاري، فلم يخصِّص القنوت بالفجر، وكذلك ذكر البراء بن عازب سواءً، فما بال القنوت اختصَّ بالفجر؟

فإن قلتم: قنوت المغرب منسوخٌ، قال لكم منازعوكم من أهل الكوفة: وكذلك قنوت الفجر سواءً. ولا تأتون بحجَّة على نسخ قنوت المغرب إلا كانت دليلًا على نسخ قنوت الصبح (٤). ولا يمكنكم أبدًا أن تقيموا دليلًا


(١) «أن يقال» ساقط من ك، ع واستدرك في حاشية ع.
(٢) في ك، ع: «هو»، ثم أصلح في ع.
(٣) انظر: «مصنف عبد الرزاق» (باب القنوت؛ ٣/ ١٠٥ - ١٢٣).
(٤) ق: «قنوت الفجر سواء»، وكأن الناسخ انتقل بصره إلى السطر السابق.