للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذهبه لا خلاف عنه فيه، ولو سجد عنده أحدٌ لسهوه بخلاف ذلك، فجعل السجود كلَّه بعد السلام، أو كلَّه قبل السلام= لم يكن عليه شيءٌ, لأنه عنده من باب قضاء القاضي باجتهاده، لاختلاف الآثار المرفوعة والسلف من هذه الأمة في ذلك.

وأما الإمام أحمد, فقال الأثرم (١): سمعت أحمد بن حنبل يُسأل عن سجود السهو، أقبل السلام أم بعده؟ فقال: في مواضع قبل السلام، وفي مواضع بعده، كما صنع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: من (٢) سلَّم من اثنتين سجد بعد السلام على حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين. ومن سلَّم في (٣) ثلاثٍ سجد أيضًا بعد السلام على حديث عمران بن حصين. وفي التحرِّي يسجد بعد السلام على حديث ابن مسعود. وفي القيام من اثنتين يسجد قبل السلام على حديث ابن بُحَينة. وفي الشكِّ يبني على اليقين ويسجد قبل السلام على حديث أبي سعيد الخدري وحديث عبد الرحمن بن عوف. قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: فما كان سوى هذه المواضع؟ قال يسجد فيها كلِّها قبل السلام لأنه يُتِمُّ ما نقَص من صلاته. قال: ولولا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لرأيتُ السجود كلَّه قبل السلام لأنه من شأن الصلاة، فيقضيه قبل السلام؛ ولكن أقول: كلُّ ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد فيه بعد السلام، فإنه يسجد فيه بعد السلام، وسائرُ السهو يسجد فيه قبل السلام.


(١) نقل روايته ابن عبد البر في «الاستذكار» (٤/ ٣٦٠ - ٣٦٣). وانظر: «المغني» (٢/ ٤١٤ - ٤١٥).
(٢) ق: «حين».
(٣) مب: «من»، وكذا في «الاستذكار».