للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«الصحيحين» (١): «ثمَّ لْيُسَلِّمْ، ثم يسجد سجدتين». وهذا هو الذي قال الإمام أحمد: وإذا رجع إلى التحرِّي سجد بعد السلام.

والفرق عنده بين اليقين والتحرِّي: أنَّ المصلِّي إذا كان إمامًا بنى على غالب ظنِّه وأكثر (٢) وهمه، وهذا هو التحرِّي، فيسجد له بعد السلام على حديث ابن مسعود. وإن كان منفردًا بنى على اليقين، وسجد قبل السلام على حديث أبي سعيد. هذه طريقة أكثر أصحابه (٣) في تحصيل ظاهر مذهبه. وعنه روايتان أخريان: إحداهما (٤): أنه يبني على اليقين مطلقًا، وهي مذهب الشافعي ومالك. والأخرى: على غالب ظنِّه مطلقًا. وظاهر نصوصه إنما يدل (٥) على الفرق بين الشك وبين الظنِّ الغالب القوي، فمع الشكِّ يبني على اليقين, ومع أكثر الوهم أو الظنِّ الغالب يتحرَّى. وعلى هذا مدار أجوبته، وعلى الحالين حمَل الحديثين (٦). والله أعلم.

وقال أبو حنيفة في الشكِّ: إذا كان أول ما عرض له استأنف الصلاة. وإن عرض له كثيرًا، فإن كان له ظنٌّ غالبٌ بنى عليه، وإن لم يكن له ظنٌّ بنى على اليقين (٧).


(١) البخاري (٤٠١)، ولم أجده عند مسلم بهذا اللفظ.
(٢) ك, ع: «أكبر».
(٣) ك، ع: «أصحابنا».
(٤) ج، مب: «أحدهما».
(٥) ما عدا ج: «تدل»، وأهمل نقطه في ق.
(٦) انظر: «المغني» (٢/ ٤٠٦ - ٤٠٨).
(٧) انظر: «الهداية» (١/ ٧٦).