للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويوضِّح هذا (١): أنَّ سائر الصلوات سُنَنُها (٢) ركعتان ركعتان. والفجر مع كونها ركعتين، والناس في وقتها أفرَغُ ما يكونون (٣)، ومع هذا سنَّتها ركعتان. وعلى هذا، فتكون هذه الأربع قبل الظهر وردًا مستقلًّا (٤) سببهُ (٥) انتصاف النهار وزوال الشمس. وكان عبد الله بن مسعود يصلِّي بعد الزوال ثمان ركعات، ويقول: إنَّهنَّ يُعْدَلن بمثلهنَّ من قيام الليل (٦). وسرُّ هذا ــ والله أعلم ــ أنَّ انتصافَ النهار مقابلٌ لانتصاف الليل، وأبوابُ السماء تُفْتَح بعد زوال الشمس، ويحصُل النزول الإلهي بعد انتصاف الليل. فهما وقتا قرب ورحمة، هذا تُفْتَح فيه أبوابُ السماء، وهذا ينزل فيه الرَّبُّ تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا.

وقد روى مسلم في «صحيحه» (٧) من حديث أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من صلَّى اثنتي عشرة ركعةً في يوم وليلة بُنِي له (٨) بهنَّ بيتٌ في الجنة». زاد الترمذي والنسائي (٩) فيه: «أربعًا قبل الظهر، وركعتين


(١) في المطبوع: «ذلك».
(٢) ك، ع: «سنّتها»، وكذا في المطبوع.
(٣) ما عدا ق، مب، ن: «يكون».
(٤) ص، ج، ق، مب، ن: «ورد مستقلّ».
(٥) ك، ع: «سنَّة»، ولعله تصحيف. وقد أصلحه بعضهم في ع.
(٦) لم أجده.
(٧) برقم (٧٢٨).
(٨) ق: «بنى الله».
(٩) أخرجه الترمذي (٤١٥) من طريق سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن المسيب بن رافع عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة، وقال: حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي في «المجتبى» (١٨٠٣) و «الكبرى» (١٤٧٧) من طريق زهير بن معاوية عن أبي إسحاق به، وزهير سمع من أبي إسحاق بأخَرَة بعدما اختلط كما قاله أحمد وابن معين والرازيان، وعليه فقوله في روايته: «وركعتين قبل العصر» يكون غير محفوظ، والمحفوظ لفظ رواية الثوري عن أبي إسحاق.