للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: ولأنَّ الإيمان أفضل الأعمال، وفهم القرآن وتدبُّره هو الذي يثمر الإيمان. وأما مجرَّد التلاوة من غير فهم ولا تدبُّر، فيفعلها البَرّ والفاجر، والمؤمن والمنافق، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيِّبٌ وطعمها مرٌّ» (١).

والناس في هذا أربع طبقات: أهل القرآن والإيمان، وهم أفضل الناس. الثانية: مَن عَدِم القرآنَ والإيمانَ. الثالثة: من أوتي قرآنًا ولم يُؤتَ إيمانًا، الرابعة: من أوتي إيمانًا ولم يُؤتَ القرآن (٢).

قالوا: فكما أنَّ من أوتي إيمانًا بلا قرآن أفضل ممن أوتي قرآنًا بلا إيمان، فكذلك من أوتي تدبرًا وفهمًا في التلاوة أفضل ممَّن أوتي كثرةَ قراءةٍ وسرعتَها بلا تدبُّر.

قالوا: وهذا هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان يرتِّل السورة حتى تكون أطول من أطول منها، وقام بآيةٍ حتى الصباح.

وقال أصحاب الشافعي: كثرة القراءة أفضل، واحتجُّوا بحديث ابن مسعود قال: قال (٣) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله حسنةٌ، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول: الم حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ،


(١) أخرجه البخاري (٥٠٥٩، ٥٤٢٧) ومسلم (٧٩٧) من حديث أنس عن أبي موسى الأشعري.
(٢) ق، مب، ن: «قرآنًا».
(٣) قد انتهى هنا الخرم الطويل في نسخة دار الكتب المصرية (م) وبدأت المقابلة عليها مرة أخرى.