للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ساعةٌ ترجى فيها الإجابة أيضًا، فكلاهما ساعة إجابة. وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخرَ ساعة بعد العصر، فهي ساعة معيَّنة من اليوم، لا تتقدَّم ولا تتأخَّر. وأمَّا ساعة الصلاة فتابعة للصلاة، تقدَّمت أو تأخَّرت، لأنَّ لاجتماع المسلمين وصلاتهم وتضرُّعهم وابتهالهم إلى الله تأثيرًا في الإجابة، فساعةُ اجتماعهم ساعةٌ ترجى فيها الإجابة. وعلى هذا، فتتفق الأحاديث كلُّها، ويكون النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد حضَّ أمَّتَه على الدعاء والابتهال إلى الله في هاتين الساعتين.

ونظير هذا: قوله - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل عن المسجد الذي أُسِّس على التقوى فقال: «هو مسجدكم هذا»، وأشار إلى مسجد المدينة (١). وهذا لا ينفي أن يكون مسجد قباء الذي نزلت فيه الآية مؤسَّسًا على التقوى، بل كلٌّ منهما مؤسَّس على التقوى. فكذلك قوله في ساعة الجمعة: «هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقضى الصلاة» (٢) لا ينافي قولَه في الحديث الآخر: «فالتمِسُوها آخرَ ساعة بعد العصر» (٣).

ويشبه هذا في الأسماء قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما تعدُّون الرَّقوب فيكم؟». قالوا: مَن لم يولد له. قال: «الرَّقوب مَن لم يقدِّم مِن ولده شيئًا» (٤). فأخبر أن هذا هو الرقوب، إذ لم يحصل له من ولده من الأجر ما حصل لمن قدَّم منهم فَرَطًا.


(١) أخرجه مسلم (١٣٩٨) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٢) أخرجه مسلم (٨٥٣) من حديث عبد الله بن عمر، وقد تقدم.
(٣) أخرجه أبو داود (١٠٤٨) والنسائي في «المجتبى» (١٣٨٩) و «الكبرى» (١٧٠٩) من حديث جابر بن عبد الله، وقد تقدم.
(٤) جزء حديث أخرجه مسلم (٢٦٠٨) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.