للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجة الثانية: أن السلف كانوا أحرص شيء على الخير، ولم يكونوا يغدُون إلى الجمعة من وقت طلوع الشمس. وأنكر مالكٌ التبكيرَ إليها في أول النهار، وقال: لم ندرك عليه أهل المدينة (١).

واحتجَّ أصحاب القول الأول بحديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يوم الجمعة اثنا عشر (٢) ساعةً» (٣). قالوا: والساعات المعهودة هي الساعات التي هي اثنا عشر (٤). وهي نوعان: ساعات معتدلة (٥) وساعات زمانية. قالوا: ويدل على هذا القول أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنما بلغ بالساعات إلى سِتٍّ لم يزد عليها. ولو كانت الساعات أجزاءً صغارًا من الساعة التي تُفعَل فيها الجمعة لم


(١) انظر: «المدخل» لابن الحاج (٢/ ٢٧٩).
(٢) كذا في النسخ سوى ج التي فيها: «اثنتي عشرة». وقد سبق مثله. وبهذا اللفظ جاء في «المسالك في شرح الموطأ» لابن العربي (٢/ ٤٣٧). وفي مصادر التخريج: «اثنتا عشرة» على الجادة.
(٣) أخرجه أبو داود (١٠٤٨) والنسائي في «المجتبى» (١٣٨٩) و «الكبرى» (١٧٠٩) والحاكم (١/ ٢٧٩) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٢٧١٥) من طرق عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن الجلّاح مولى عبد العزيز بن مروان عن أبي سلمة عن جابر. وإسناد الحديث حسن لأجل الجلَّاح، صححه الحافظ في «نتائج الأفكار» (٢/ ٤٣٥، ٤٣٦) ونقل عن ابن خزيمة والحاكم تصحيحه. وانظر: «بيان الوهم والإيهام» (٥/ ٣٥٤، ٣٥٥).
(٤) ج: «اثني عشر».
(٥) في طبعة الرسالة: «تعديلية» تبعًا لنشرة الفقي الذي غيَّر المتن دون مسوِّغ. والساعات المعتدلة تسمَّى أيضًا: مستوية، واستوائية، واعتدالية. والزمانية تسمى أيضًا قياسية ومعوجة. انظر: «كشاف اصطلاحات الفنون» (١/ ٩٢١). وقد شرح البتَّاني في «الزيج الصابي» (ص ٤٢ - طبعة نلينو) طريقة معرفة هذه الساعات.