للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما لا يتكوَّن (١). وزهَّد شارحُه الناسَ فيما رغَّبهم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التهجير في أول النهار، وزعم أنَّ ذلك كلَّه إنما يجتمع في ساعة واحدة قربَ زوال الشمس. قال: وقد جاءت الآثار بالتهجير إلى الجمعة في أول النهار، وقد سُقنا ذلك في موضعه من كتاب «واضح السنن» بما فيه بيان وكفاية.

هذا كلُّه قول عبد الملك بن حبيب. ثم ردَّ عليه أبو عمر، فقال (٢): هذا منه تحاملٌ على مالك - رحمه الله -، فهو الذي قال القول الذي أنكره وجعله خُلْفًا وتحريفًا من التأويل. والذي قاله مالك تشهد له الآثار الصِّحاح من رواية الأئمة، ويشهد له أيضًا العملُ بالمدينة عنده، وهذا مما يصحُّ فيه الاحتجاج بالعمل لأنه أمر متردِّد كلَّ جمعة لا يخفى على عامة العلماء.

فمن الآثار التي يُحتجُّ بها لمالك (٣): ما رواه الزهري عن سعيد بن المسيِّب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان يومُ الجمعة قام على كلِّ باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناسَ الأوّلَ فالأوّلَ. فالمهجِّر إلى الجمعة كالمُهْدي بدَنةً، ثم الذي يليه كالمُهْدي بقرةً، ثم الذي يليه كالمُهْدي كبشًا، حتى (٤) ذكر الدجاجة والبيضة. فإذا جلس الإمام طُويت الصُّحف، واستمعوا الخطبة» (٥).


(١) ك، ع: «يكون».
(٢) «الاستذكار» (٥/ ١١). وانظر: «التمهيد» (٢٢/ ٢٣).
(٣) مب: «مالك»، وكذا في «الاستذكار».
(٤) ج، صم: «ثم».
(٥) أخرجه الشافعي في «الأم» (٢/ ٣٩١) والحميدي (٩٦٣) وأحمد (٧٢٥٨) ومسلم عقب (٨٥٠/ ٢٤) عن سفيان بن عيينة عن الزهري به. وأخرجه البخاري (٩٢٩) ومسلم (٨٥٠) من طرق عن الزهري عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة به، والبخاري (٣٢١١) من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة والأغر عن أبي هريرة به.