للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري (١): رأيت أبا عبد الله إذا كان يوم الجمعة يصلِّي إلى أن يعلم أنَّ الشمس قد قاربت أن تزول. فإذا قاربت أمسك عن الصلاة حتى يؤذِّن المؤذن. فإذا أخذ في الأذان قام فصلَّى ركعتين أو أربعًا يفصل بينهما بالسلام. فإذا صلَّى الفريضة انتظر في المسجد، ثم يخرج منه فيأتي بعضَ المساجد التي بحضرة الجامع، فيصلِّي فيه ركعتين، ثم يجلس. وربما صلَّى أربعًا، ثم يجلس، ثم يقوم فيصلِّي ركعتين أخريين. فتلك ستُّ ركعات على حديث علي. وربما صلَّى بعد الستِّ ستًّا أُخَر أو أقلَّ أو أكثر.

وقد أخذ من هذا بعضُ أصحابه روايةً عنه: أنَّ للجمعة قبلها سنَّةً ركعتين أو أربعًا. وليس هذا بصريح، بل ولا ظاهر؛ فإنَّ أحمد كان يمسك عن الصلاة في وقت النهي، فإذا زال وقتُ النهي قام فأتمَّ تطوُّعَه إلى خروج الإمام، فربما أدرك أربعًا، وربما لم يدرك إلا ركعتين.

ومنهم من احتجَّ على ثبوت السنَّة قبلها بما رواه ابن ماجه في «سننه» (٢): ثنا محمد بن يحيى، ثنا يزيد بن عبد ربِّه، ثنا بقية، عن مبشِّر بن عبيد، عن حجَّاج بن أرطاة، عن عطية العوفي، عن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يركع من قبل الجمعة أربعًا، لا يفصل في شيء منهنَّ». قال ابن ماجه: باب الصلاة قبل الجمعة، فذكره.

وهذا الحديث فيه عدة بلايا:


(١) في «مسائله» (ص ١٢١).
(٢) برقم (١١٢٩)، وأخرجه الطبراني (١٢/ ١٢٩) من طرق بقية بن الوليد به. وأخرجه ابن عدي في «الكامل» في ترجمة مبشر بن عبيد (١٠/ ١١) من حديث أبي سعيد مرفوعًا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من شاء صلى ... ».