للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الركعات، وحملوها على أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فعلها مرَّاتٍ، وأنَّ الجميع جائز. فممن ذهب إليه إسحاق بن راهويه، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبو بكر بن إسحاق الضُّبَعي، وأبو سليمان الخطَّابي؛ واستحسنه ابن المنذر. والذي ذهب إليه الشافعي ثم محمد بن إسماعيل البخاري (١) من ترجيح الأخبار أولى، لما ذكرنا (٢) من رجوع الأخبار (٣) إلى حكاية صلاته يومَ توفِّي ابنه - صلى الله عليه وسلم -.

قلت: والمنصوص عن أحمد أيضًا أخذُه بحديث عائشة وحده: في كلِّ ركعة ركوعان وسجودان. قال في رواية المرُّوذي (٤): وأذهب إلى صلاةِ الكسوف أربعَ ركعات وأربعَ سجدات: في كلِّ ركعة ركعتان وسجدتان، وأذهب إلى حديث عائشة. أكثرُ الأحاديث على هذا. وهذا اختيار أبي بكر وقدماء الأصحاب وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية. وكان يُضعِّف كلَّ ما خالفه من الأحاديث، ويقول: هي غلط، وإنما صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - الكسوف مرةً واحدةً يوم مات ابنه إبراهيم (٥). والله أعلم.

وأمرَ - صلى الله عليه وسلم - في الكسوف بذكر الله والصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعتاقة (٦).


(١) في المطبوع: «إليه البخاري والشافعي»، وهو تصرُّفٌ من بعض النسَّاخ.
(٢) ص، ك، ع: «ذكرناه».
(٣) ك، ج: «الاختيار»، تصحيف.
(٤) مب: «المروزي»، تصحيف. وانظر روايته في «الروايتين والوجهين» (١/ ١٩٢)، وانظر أيضًا: «مسائل أبي داود» (ص ١٠٦) و «مسائل ابن هانئ» (ص ١٤٠).
(٥) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٨/ ١٧ - ١٨) و (٢٤/ ٢٥٩ - ٢٦٠).
(٦) أخرجه الحاكم (١/ ٣٣١) وعنه البيهقي (٣/ ٣٤٠) من حديث عائشة، وأصله عند البخاري (١٠٤٤) ومسلم (٩٠١/ ١) دون ذكر العتاقة.