للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عائشة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصُر في السفر ويُتِمُّ، ويفطر ويصوم (١)، فلا يصح. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول (٢): هو كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، انتهى.

وقد روي: «كان يقصُر وتُتِمُّ»، الأول بالياء آخر الحروف، والثاني بالتاء المثناة من فوق. وكذلك: «يفطر وتصوم». أي تأخذ هي بالعزيمة (٣) في الموضعين. قال شيخنا (٤): وهذا (٥) باطل، ما كانت أمُّ المؤمنين لِتُخالفَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وجميعَ أصحابه فتصلِّي خلاف صلاتهم. كيف والصحيح عنها: أنَّ الله فرض الصلاة ركعتين، فلما هاجر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة زيد في صلاة الحضر، وأُقِرَّت صلاةُ السفر (٦). فكيف يُظَنُّ بها مع ذلك أن تصلِّي بخلاف صلاة النبي (٧) - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين معه.

قلت: قد أتمَّت عائشة بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن عباس أو غيره: «إنَّها تأوَّلت كما تأوَّل عثمان (٨)، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقصُر دائمًا». فركَّب بعضُ الرواة من الحديثين حديثًا، وقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقصُر وتُتِمُّ هي، فغلِط


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٨٢٧١) والبزار (٦٨٢ - كشف الأستار)، وفيه المغيرة بن زياد، فيه لين. وله طرق أخرى سيأتي ذكرها بعد قليل.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٧٨، ٢٩٠) و (٢٤/ ١٤٥).
(٣) ص: «أن تأخذهن بالعزية»، تحريف.
(٤) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ١٥١).
(٥) ك: «وهو».
(٦) أخرجه البخاري (٣٥٠، ١٠٩٠، ٣٩٣٥) ومسلم (٦٨٥) من حديث عائشة.
(٧) ما عدا م، مب، ن: «رسول الله».
(٨) أخرجه البخاري (١٠٩٠) ومسلم (٦٨٥/ ٣) من حديث عائشة، وقد تقدم.