للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه بعض الرواة، فقال: كان يقصُر ويُتِمُّ، أي هو.

والتأويل الذي تأولته قد اختُلِف فيه، فقيل: ظنَّت أن القصر مشروط بالخوف والسفر، فإذا زال الخوف زال سبب القصر. وهذا التأويل غير صحيح، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سافر آمَنَ ما كان (١) يقصر الصلاة. والآية قد أشكلت على عمر بن الخطاب وغيره فسأل عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجابه بالشفاء وأنَّ هذا (٢) صدقة من الله، وشرعٌ شرَعه للأمة. وكان هذا بيان أنَّ حكمَ المفهوم غير مراد، وأنّ الجُناح مرتفع في قصر الصلاة عن الآمن والخائف. وغايته أنه نوع تخصيص للمفهوم أو رفعٌ له.

وقد يقال: إنَّ الآية اقتضت قصرًا يتناول قصر الأركان بالتخفيف وقصر العدد بنقصان ركعتين، وقيَّد ذلك بأمرين: الضرب في الأرض والخوف. فإذا وُجِد الأمران أبيح القصرانِ، فيصلُّون صلاة الخوف مقصورًا عددُها وأركانُها. وإن انتفى الأمران فكانوا آمنين مقيمين انتفى القصران، فيصلُّون صلاةً تامّةً كاملةً. وإن وُجد أحدُ السببين ترتَّب عليه قصرُه وحدَه.

فإن وُجِد الخوف والإقامة قُصِرت الأركان واستُوفيَ العدد. وهذا نوع قصر، وليس بالقصر المطلق في الآية. وإن وُجِد السفر والأمن قُصِرَ العدد واستُوفِيت الأركان، وصُلِّيَت صلاة أمن. وهذا أيضًا نوع قصر، وليس بالقصر المطلق. وقد تسمَّى هذه الصلاة مقصورةً باعتبار نقصان العدد، وقد تسمَّى تامَّةً باعتبار إتمام أركانها، وأنها لم تدخل في قصر الآية. والأول


(١) ك: «آمنًا ... »، وقد أشكل على بعض النساخ، فغيَّره إلى «آمنًا وكان» كما في النسخ المطبوعة.
(٢) ما عدا م، ق، مب، ن: «هذه».