للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«فُرِضت الصلاة ركعتين، فزيد في صلاة الحضر، وأُقِرَّت صلاةُ السفر» فكيف يُظَنُّ بها أنها تزيد على ما فَرض الله، وتُخالِف رسولَ الله (١) - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَه؟

قال الزهري لعروة لما حدَّثه عن أبيه (٢) عنها بذلك: فما شأنها كانت تُتِمُّ الصلاة؟ فقال: تأوَّلَتْ ما تأوَّلَ عثمان (٣). فإذا كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد حسَّن فعلَها وأقرَّها عليه، فما للتأويل حينئذ وجه، ولا يصحُّ أن يضاف إتمامها إلى التأويل على هذا التقدير. وقد أخبر ابن عمر أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يزيد في السفر على ركعتين، ولا أبو بكر (٤) ولا عمر (٥). أفيُظَنُّ بعائشة أمِّ المؤمنين مخالفتُهم وهي تراهم يقصُرون؟ وأما (٦) بعد موته - صلى الله عليه وسلم - فإنها أتمَّت كما أتمَّ عثمان، وكلاهما تأوَّل تأويلًا. والحُجّة في روايتهم لا في تأويل الواحد منهم مع مخالفة غيره له. والله أعلم.

وقد قال أمية بن خالد لعبد الله بن عمر (٧): إنَّا نجد صلاة الحضر


(١) ما عدا ق، م: «فعل رسول الله».
(٢) كذا في جميع النسخ، وهو سهو. وقد ضرب بعضهم في ن على «لعروة»، وكتب فوقه: «لهشام» ليصحَّ «عن أبيه»، وهو غير صحيح، فإن الزهري رواه عن عروة عن عائشة، ثم سأل عروة لا هشام بن عروة.
(٣) أخرجه البخاري ومسلم، وقد تقدم أكثر من مرة.
(٤) ج، ك، ع: «أبا بكر».
(٥) أخرجه البخاري (١١٠٢) ومسلم (٦٨٩)، وقد تقدم، وسيأتي بعد حديثين.
(٦) ص: «أما» دون واو قبله.
(٧) «السنن والأحكام» (٢٠٩١). أخرجه أحمد (٥٦٨٣) والنسائي في «المجتبى» (١٤٣٤) و «الكبرى» (١٩٠٥) وابن ماجه (١٠٦٦) وابن المنذر في «الأوسط» (٤/ ٣٩٤) وابن عبد البر في «التمهيد» (١١/ ١٦٣) من طريق الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أمية بن عبد الله بن خالد به. والحديث صححه ابن خزيمة (٩٤٦) وابن حبان (١٤٥١، ٢٧٣٥) والحاكم (١/ ٢٥٨) والضياء في «المختارة» (١٣/ ١٣٨). وقد أخرجه مالك (٣٨٩) ــ ومن طريقه أحمد (٥٣٣٣) ــ من طريق ابن شهاب عن رجل من آل خالد بن أسيد أنه سأل عمر. وانظر «التمهيد» (١١/ ١٦١).