للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «وعلى ربِّهم يتوكلون»، فلكمال توكُّلهم على ربِّهم، وسكونهم إليه، وثقتهم به، ورضاهم عنه، وإنزال حوائجهم به= لا يسألون الناس شيئًا، لا رقيةً ولا غيرها. ولا يحصل لهم طِيرَة تصُدُّهم عما يقصدونه، فإنَّ الطِّيَرة تنقص التوحيد وتُضْعِفه.

قال شيخنا: والراقي متصدِّق محسِن والمسترقي سائل. والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رقى ولم يستَرْقِ، وقال: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه» (١).

فإن قيل: فما تصنعون بالحديث الذي في «الصحيحين» (٢) عن عائشة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه جمَع كفَّيه، ثم نفَث فيهما فقرأ (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس)، ثم يمسَح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده؛ فيفعل ذلك ثلاث مرات. قالت عائشة: فلما اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرني أن أفعل ذلك به.

فالجواب: أنَّ هذا الحديث قد روي بثلاثة ألفاظ، أحدها هذا. والثاني: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان هو ينفث على نفسه (٣). والثالث: قالت: كنت أنفث عليه بهن، وأمسح بيده نفسه (٤) لبركتها (٥). وفي لفظ رابع: كان إذا اشتكى يقرأ على


(١) أخرجه مسلم (٢١٩٩) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري (٥٠١٧، ٥٧٤٨). وأخرجه مسلم (٢١٩٢) من وجه آخر، ليس فيه أنه كان يفعل ذلك إذا أوى إلى فراشه، بل إذا اشتكى هو - صلى الله عليه وسلم - أو أحد من أهله.
(٣) أخرجه البخاري (٥٧٣٥، ٥٧٥١).
(٤) ك، ع: «بيد نفسه». وفي ص، ج: «بيده على نفسه».
(٥) أخرجه البخاري (٥٧٣٥) واللفظ له، ومسلم (٢١٩٢/ ٥٠).