للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه بالمعوِّذات، وينفث (١).

وهذه الألفاظ يفسِّر بعضها بعضًا. فكان - صلى الله عليه وسلم - ينفث على نفسه، وضعفُه ووجعُه يمنعه من إمرار يده على جسده كلِّه، فكان يأمر عائشة - رضي الله عنها - أن تُمِرَّ يده على جسده بعد نفثه هو. وليس ذلك من الاسترقاء في شيء، وهي لم تقل: كان يأمرني أن أرقيه، وإنما ذكرت المسحَ بيده بعد النفث على جسده، ثم قالت: «كان يأمرني أن أفعل ذلك به» (٢)، أي: أن أمسح جسده بيديه، كما كان هو يفعل.

ولم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - أن يخُصَّ يومًا من الأيام بعيادة المريض ولا وقتًا من الأوقات، بل شرع لأمته عيادة المرضى ليلًا ونهارًا، وفي سائر الأوقات. وفي «المسند» (٣) عنه: «إذا عاد الرجلُ أخاه المسلمَ مشى في خُرْفة الجنة حتى يجلس، فإذا جلس غمرته الرحمة. فإن كان غدوةً صلَّى عليه سبعون ألفَ ملَك حتى يمسي، وإن كان مساءً صلَّى عليه سبعون ألف ملَك (٤) حتى يصبح».


(١) أخرجه البخاري (٥٠١٦)، ومسلم (٢١٩٢/ ٥١).
(٢) البخاري (٥٧٤٨)، وقد تقدم آنفًا.
(٣) برقم (٦١٢)، وأخرجه ابن أبي شبية (١٠٩٤٠) وهناد بن السري في «الزهد» (٣٧٢) وأبو داود (٣٠٩٩) والترمذي (٩٩١) والنسائي في «الكبرى» (٧٤٥٢) وابن ماجه (١٤٤٢) والبيهقي (٣/ ٣٨٠) وغيرهم من طرق عن علي بن أبي طالب مرفوعًا. وأخرجه أحمد (٩٧٦) وأبو داود (٣٠٩٨، ٣١٠٠) موقوفًا على علي، وهو الصواب كما رجح الدارقطني في «علله» (٣٩٨)، وهو في حكم المرفوع إذ لا يقال مثله من قِبَل الرأي.
(٤) «حتى يمسي ... ملك» سقط من ص لانتقال النظر.