للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خرِف وكبِر، فسمع منه الثوري بعد الخرَف، وسماعُ ابن أبي ذئب منه قبل ذلك (١). وقال ابن حبان (٢): تغيَّر في سنة خمس وعشرين ومائة، وجعل يأتي بما يشبه الموضوعات عن الثقات، فاختلط حديثه الأخير بحديثه القديم، ولم يتميَّز، فاستحقَّ الترك. انتهى كلامه.

وهذا الحديث حديث حسن، فإنه من رواية ابن أبي ذئب عنه، وسماعُه منه قديم قبل اختلاطه، فلا يكون اختلاطه موجبًا لردِّ ما حدَّث به قبل الاختلاط. وقد سلك الطحاوي (٣) في حديث أبي هريرة هذا وحديث عائشة مسلكًا آخر فقال: صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على سهيل بن بيضاء في المسجد منسوخة، وتركُ ذلك آخرُ الفعلين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدليل إنكار عامة الصحابة ذلك على عائشة، وما كانوا ليفعلوه إلا لما علموا خلاف ما فعلت.

وردَّ ذلك على الطحاوي جماعةٌ منهم البيهقي وغيره. قال البيهقي (٤): ولو كان عند أبي هريرة نسخُ ما روته عائشة لذَكَره يوم صُلِّي على أبي بكر الصدِّيق في المسجد، ويوم صُلِّي على عمر بن الخطاب في المسجد، ولَذكَره (٥) من أنكر على عائشة أمرَها بإدخاله المسجد، وذكره أبو هريرة حين روت فيه (٦) الخبر. وإنما أنكره من لم يكن له معرفة بالجواز. فلما


(١) سبق قول البخاري: «وابن أبي ذئب سماعه منه أخيرًا، يروي عنه مناكير».
(٢) في «المجروحين» (ص ٣٦٦).
(٣) في «معاني الآثار» (١/ ٤٩٢ - ٤٩٣).
(٤) في «معرفة السنن» (٥/ ٣٢٠).
(٥) م، ق: «ولذكر».
(٦) لم يرد «فيه» في ص، ج.