للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روت فيه الخبر سكتوا، ولم ينكروه، ولا عارضوه بغيره.

قال الخطابي (١): وقد ثبت أن أبا بكر وعمر صُلّي عليهما في المسجد، ومعلوم أنَّ عامَّة المهاجرين والأنصار شهدوا الصلاة عليهما، وفي تركهم إنكارَه الدليلُ على جوازه. قال: وقد يحتمل أن يكون معنى حديث أبي هريرة ــ إن ثبت ــ متأوَّلًا على نقصان الأجر. وذلك أنَّ من صلّى عليها في المسجد، فالغالب أنه ينصرف إلى أهله ولا يشهد دفنه، وأنَّ من سعى إلى الجنازة (٢) فصلّى عليها بحضرة المقابر يشهد (٣) دفنَه وأحرَز أجرَ القيراطين، وقد يؤجر أيضًا على كثرة خطاه؛ فصار الذي يصلِّي عليه في المسجد منقوص الأجر بالإضافة إلى من يصلي عليه خارج المسجد.

وقالت طائفة: معنى قوله: «فلا شيء له» أي فلا شيء عليه، ليتحد معنى اللفظين ولا يتناقضان، كما قال تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] أي: فعليها.

فهذه طرق الناس في هذين الحديثين. والصواب ما ذكرناه أولًا، وأنَّ سنّتَه وهديَه الصلاةُ على الجنازة خارج المسجد إلا لعذر. وكلا الأمرين جائز، والأفضل الصلاة عليها خارج المسجد. والله أعلم.


(١) في «معالم السنن» (١/ ٣١٢). وصدره: «قلت: الحديث الأول (حديث عائشة) أصح، وصالح مولى التوأمة ضعفوه، وكان قد نسي حديثه في آخر عمره. وقد ثبت أن ... ».
(٢) في «معالم السنن»: «الجبان»، ولا يبعد تصحيفه إلى «الجنازة».
(٣) في «المعالم»: «شهد».