للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النجاشي صلاته على الميِّت (١).

فاختلف الناس في ذلك على ثلاثة طرق:

أحدها: أنَّ هذا تشريع منه وسنَّة للأمة: الصلاة على كلِّ غائب. وهذا قول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه.

وقال أبو حنيفة ومالك: هذا خاصٌّ به، وليس ذلك لغيره. قال أصحابهما: ومن الجائز أن يكون رُفِعَ له سريرُه، فصلَّى عليه وهو يراه صلاتَه على الحاضر المشاهَد وإن كان على مسافة من البعد. والصحابة وإن لم يروه فهم تابعون للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة. قالوا: ويدل على هذا أنه لم ينقل عنه أنه كان يصلِّي على كلِّ الغائبين غيره، وتركُه سنَّة كما أنَّ فعلَه سنة، ولا سبيل لأحد بعده إلى أن يعاين سرير الميت من المسافة البعيدة، ويُرفَع له حتى يصلِّي عليه، فعُلِم أنَّ ذلك مخصوص به (٢).

وقد روي عنه أنَّه صلَّى على معاوية بن معاوية الليثي وهو غائب (٣). ولكن لا يصحُّ، فإنَّ في إسناده العلاء بن زيد ــ ويقال: ابن زيدَل ــ قال علي بن المديني (٤): كان يضع الحديث. ورواه محبوب (٥) بن هلال، عن


(١) أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري (١٢٤٥) ومسلم (٩٥١).
(٢) انظر: «المبسوط» للسرخسي (٢/ ٦٧) و «فتح القدير» لابن الهمام (٢/ ١١٧) و «شرح التلقين» (٣/ ١١٨٣).
(٣) أخرجه البيهقي (٤/ ٥٠).
(٤) انظر: «ميزان الاعتدال» (٣/ ٩٩)، وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (٦/ ٥٢٠): «منكر الحديث».
(٥) ج: «محمود»، تحريف.