للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنَّما هو بحساب سَير (١) الشّمس، وصوم المسلمين إنَّما هو بالشَّهر الهلاليِّ، وكذلك حجُّهم وجميعُ ما تعتبر له الأشهر من واجبٍ ومستحبٍّ، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «نحن أحقُّ بموسى منكم». فظهر حكم هذه الأولويَّة في تعظيم هذا اليوم وفي تعيينه، وهم أخطأوا تعيينه لدورانه في السَّنة الشَّمسيَّة، كما أخطأ النَّصارى تعيينَ صومهم بأن جعلوه في فصلٍ من السَّنة تختلف فيه الأشهر.

فصل

وأمَّا الإشكال الثاني، وهو أنَّ قريشًا كانت تصوم عاشوراء في الجاهليَّة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه، فلا ريبَ أنَّ قريشًا كانت تعظِّم هذا اليوم، وكانوا يَكْسُون (٢) الكعبةَ فيه، وصومه من تمام تعظيمه، ولكن إنَّما كانوا يعدُّون بالأهلَّة، فكان عندهم عاشر المحرَّم، فلمَّا قدم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينة (٣) وجدهم يعظِّمون ذلك اليوم ويصومونه، فسألهم عنه فقالوا: هو اليوم الذي نجَّى (٤) الله فيه موسى وقومه من فرعون، فقال: «نحن أحقُّ بموسى منكم»، فصامه وأمر بصيامه (٥) تقريرًا لتعظيمه وتأكيدًا، وأخبر أنه - صلى الله عليه وسلم - وأمَّته أحقُّ بموسى من اليهود، فإذا صامه موسى شكرًا لله كنَّا أحقَّ أن نقتدي به (٦) من اليهود، ولا سيَّما إذا قلنا: شرعُ من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يخالفه شرعنا.


(١) ك: «مسير».
(٢) ص، ج، ع: «يلبسون».
(٣) «المدينة» ليست في ك.
(٤) ق، ص، ج، مب: «أنجى».
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) ك، ج، ع: «كان أحق أن يقتدي».