للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُلِم من النَّهار، وحينئذٍ فلم يكن التَّبييت ممكنًا، فالنية وجبت وقتَ تجدُّد الوجوب والعلم به، وإلَّا كان تكليفًا بما لا يطاق وهو ممتنعٌ. قالوا: وعلى هذا إذا قامت (١) البيِّنة بالرُّؤية في أثناء النَّهار أجزأ صومه بنيَّةٍ مقارنةٍ للعلم بالوجوب، وأصله صوم يوم عاشوراء.

وهذه طريقة شيخنا، وهي كما تراها أصحُّ الطُّرق وأقربها إلى موافقة أصول الشَّرع وقواعده، وعليها تدلُّ الأحاديث ويجتمع شَمْلُها الذي يُظنُّ تفرُّقه، ويُتخلَّص من دعوى النَّسخ بغير ضرورةٍ. وغير هذه الطَّريقة لا بدَّ فيه من مخالفة قاعدةٍ من قواعد الشَّرع أو مخالفة بعض الآثار.

وإذا كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أهل قُباءٍ بإعادة الصَّلاة الَّتي صلَّوا بعضها إلى القبلة المنسوخة إذ لم يبلغهم وجوب التَّحوُّل، فكذلك من لم يبلغه وجوب فرض الصَّوم أو لم يتمكَّن من العلم بسبب وجوبه، لم يؤمر بالقضاء، ولا يقال: إنَّه ترك التَّبييت الواجب، إذ وجوب التَّبييت تابعٌ للعلم بوجوب المبيَّت، وهذا في غاية الظُّهور.

ولا ريبَ أنَّ هذه الطَّريقة أصحُّ من طريقة من يقول: كان عاشوراء فرضًا، وكان يُجزئ صيامه بنيَّةٍ من النَّهار، ثمَّ نُسخ الحكم بوجوبه فنُسخت متعلِّقاته، ومن متعلِّقاته إجزاء صيامه بنيَّةٍ من النَّهار؛ لأنَّ متعلِّقاته تابعةٌ له، وإذا زال المتبوع زالت توابعه وتعلُّقاته، فإنَّ إجزاء الصيام (٢) الواجب بنيَّةٍ من النَّهار لم يكن من متعلِّقات (٣) خصوص هذا اليوم، بل من متعلِّقات


(١) «إذا قامت» ساقطة من ق.
(٢) ق، مب: «الصوم».
(٣) ق، ج، ص، مب: «تعلقات».