للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحمدِه عاقبةً، وهو السَّهر المتوسِّط الذي ينفع القلب والبدن، ولا يعوق عن مصلحة العبد.

ومدارُ رياضة أرباب الرِّياضات والسُّلوك على هذه الأركان الأربعة، وأسعدُهم بها من سلك فيها المنهاجَ النَّبويَّ المحمَّديَّ، ولم ينحرف انحرافَ الغالين، ولا قصَّر تقصير المفرِّطين. وقد ذكرنا هديه - صلى الله عليه وسلم - في صيامه وقيامه وكلامه، فلنذكر (١) هديه في اعتكافه.

كان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتَّى توفَّاه الله عزَّ وجلَّ (٢)، وتركه مرَّةً، فقضاه في شوَّالٍ (٣).

واعتكف مرَّةً العشرَ الأوَّل ثمَّ الأوسط ثمَّ العشر الأخير، يلتمس ليلة القدر، ثمَّ تبيَّن له أنَّها في العشر الأخير (٤)، فداومَ على اعتكافه حتَّى لحق بربِّه عزَّ وجلَّ.

وكان يأمر بخِبَاءٍ فيُضرَب له في المسجد، يخلو (٥) فيه بربِّه عزَّ وجلَّ.

وكان إذا أراد الاعتكاف صلَّى الفجر ثمَّ دخله، فأمر به مرَّةً فضُرِب له، فأمر أزواجُه بأخبيتهنَّ فضُرِبت، فلمَّا صلَّى الفجر نظر فرأى تلك الأخبية، فأمر بخبائه فقُوِّض، وترك الاعتكاف في شهر رمضان حتَّى اعتكف في العشر


(١) ص، ج: «فنذكر».
(٢) رواه البخاري (٢٠٢٦) ومسلم (١١٧٢/ ٥) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) رواه البخاري (٢٠٤١) ومسلم (١١٧٣) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٤) رواه البخاري (٨١٣) ومسلم (١١٦٧/ ٢١٥) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .
(٥) ص: «ليخلو».