للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تناقضَ بين حديث أنس: أنَّهنَّ في ذي القعدة إلا الَّتي مع حجَّته، وبين قول عائشة وابن عبَّاسٍ: لم يعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في ذي القعدة (١)؛ لأنَّ مبدأ عمرة القِران كان في ذي القعدة، ونهايتها كان في ذي الحجَّة مع انقضاء الحجِّ، فعائشة وابن عبَّاسٍ أخبرا عن ابتدائها، وأنس أخبر عن انقضائها.

وأما قول عبد الله بن عمر: إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربعًا، إحداهنَّ في رجبٍ= فوهمٌ منه، قالت عائشة لمَّا بلغها ذلك عنه: «يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرةً قطُّ إلا وهو شاهدٌ، وما اعتمر في رجبٍ قطُّ» (٢).

وأمَّا ما رواه الدَّارقطنيُّ (٣) عن عائشة قالت: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمرةٍ في رمضان، فأفطر وصمتُ، وقصَرَ وأتممتُ، فقلت: بأبي وأمِّي، أفطرتَ وصمتُ وقصَرتَ وأتممتُ، فقال: «أحسنتِ يا عائشة» = فهذا الحديث غلطٌ، فإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر في رمضان قطُّ، وعُمَره مضبوطة العدد والزَّمان، ونحن نقول: يرحم الله أمَّ المؤمنين، ما اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان قطُّ، وقد قالت - رضي الله عنها -: لم يعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في ذي القعدة. رواه ابن ماجه وغيره (٤).


(١) حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - رواه ابن ماجه (٢٩٩٦) وأبو يعلى (٢٣٤٠)، وفي إسناده ابن أبي ليلى متكلم فيه، ويشهد له حديث عائشة الآتي.
(٢) رواه البخاري (١٧٧٦) ومسلم (١٢٥٥).
(٣) برقم (٢٢٩٣). وتقدم الكلام عليه.
(٤) رواه ابن ماجه (٢٩٩٧) من طريق ابن أبي شيبة (١٣٢٠٤)، وإسناده صحيح كما قال الحافظ في «الفتح» (٣/ ٦٠٠). ورواه أيضًا من طريق آخر عنها أحمد (٢٥٩١٠)، وفي إسناده ابن إسحاق وقد عنعن.