للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة إلى مكَّة سبعةَ أيَّامٍ؛ لأنَّه كان يكون خارجًا من المدينة لو كان ذلك لأربعٍ بقين لذي القعدة، واستوى على مكَّة لثلاثٍ خلون من ذي الحجَّة (١) وفي استقبال اللَّيلة الرَّابعة، فتلك سبع ليالٍ لا مزيد، وهذا خطأٌ بإجماعٍ وأمرٌ لم يقله أحدٌ، فصحَّ أنَّ خروجه كان لستٍّ بقين لذي القعدة، وتآلفت الرِّوايات كلُّها، وانتفى التَّعارض عنها بحمد الله.

قلت: هي متآلفةٌ متوافقةٌ، والتَّعارض منتفٍ عنها مع خروجه يومَ السَّبت، ويزول عنها الاستكراه الذي أوَّلتَها عليه كما ذكرناه.

وأمَّا قول أبي محمد: لو كان خروجه من المدينة لخمسٍ بقين من ذي القعدة لكان خروجه يوم الجمعة، إلى آخره= فغير لازمٍ، بل يصحُّ أن يخرج لخمسٍ، ويكون خروجه يوم السَّبت. والَّذي غَرَّ أبا محمد أنَّه رأى الرَّاوي قد حذف التَّاء من العدد، وهي إنَّما تُحذف مع المؤنَّث، ففهم لخمس ليالٍ بقين، وهذا إنَّما يكون إذا كان الخروج يوم الجمعة، ولو كان يوم السَّبت لكان لأربع ليالٍ بقين. وهذا بعينه ينقلب عليه، فإنَّه لو كان خروجه يوم الخميس لم يكن لخمس ليالٍ بقين، وإنَّما يكون لستِّ ليالٍ بقين، ولهذا اضطُرَّ إلى أن يؤوِّل الخروج المقيَّد بالتَّاريخ المذكور بخمسٍ على الاندفاع من ذي الحليفة، ولا ضرورةَ له إلى ذلك، إذ من الممكن أن يكون شهر ذي القعدة كان ناقصًا، فوقع الإخبار عن تاريخ الخروج بخمسٍ بقين منه بناءً على المعتاد من الشَّهر، وهذه عادة العرب والنَّاس في تواريخهم، أن يؤرِّخوا بما بقي من الشَّهر بناءً على كماله، ثمَّ يقع الإخبار عنه بعد انقضائه وظهور


(١) ص، ج، ق، ب، مب: «لذي الحجة».