للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومراده هنا بالتَّمتُّع بالعمرة إلى الحجِّ: أحدُ نوعيه، وهو تمتُّع القِران، فإنّ لغة القرآن والصَّحابةِ الذين شهدوا التَّنزيل والتَّأويل تشهد بذلك، ولهذا قال ابن عمر (١): «تمتَّع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة إلى الحجِّ، فبدأ فأهلَّ بالعمرة، ثمَّ أهلَّ بالحجِّ»، وكذلك قالت عائشة (٢).

وأيضًا فالذي صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو متعة القِران بلا شكٍّ، كما قطع به أحمد، ويدلُّ على ذلك أنَّ عمران بن حُصينٍ قال: تمتَّع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتمتَّعنا معه. متَّفقٌ عليه (٣). وهو الذي قال لمطرِّف: أُحدِّثك حديثًا عسى الله أن ينفعك به: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمعَ بين حجٍّ وعمرةٍ، ثمَّ لم يَنْهَ عنه حتَّى مات. وهو في «صحيح مسلم» (٤). فأخبر عن قِرانه بقوله: «تمتَّع»، وبقوله: «جمعَ بين حجٍّ وعمرةٍ».

ويدلُّ عليه أيضًا ما ثبت في «الصَّحيحين» عن سعيد بن المسيِّب قال: اجتمع علي وعثمان بعُسْفان، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة، فقال علي: ما تريد إلى أمرٍ فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنهى عنه؟ فقال عثمان: دَعْنا منك، فقال: إنِّي لا أستطيع أن أدَعَك. فلمَّا رأى عليٌّ ذلك أهلَّ بهما جميعًا. هذا لفظ مسلم (٥).


(١) رواه البخاري (١٦٩١) ومسلم (١٢٢٧).
(٢) رواه البخاري (١٦٩٢) ومسلم (١٢٢٨).
(٣) رواه البخاري (١٥٧١) ومسلم (١٢٢٦/ ١٧١) واللفظ له.
(٤) برقم (١٢٢٦/ ١٦٧)، وقد تقدم قريبًا.
(٥) برقم (١٢٢٣)، وقد تقدم قريبًا لفظ النسائي.