للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينها (١)، وإنَّما ظنَّ من ظنَّ التَّعارض لعدم إحاطته بمراد الصَّحابة من ألفاظهم، وحَمْلِها على الاصطلاح الحادث بعدهم.

ورأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه (٢) فصلًا حسنًا في اتِّفاق أحاديثهم أسوقُه بلفظه، قال (٣): والصَّواب أنَّ الأحاديث في هذا الباب متَّفقةٌ ليست بمختلفةٍ إلا اختلافًا يسيرًا، يقع مثله في غير ذلك، فإنَّ الصَّحابة ثبت عنهم أنَّه تمتَّع، والتَّمتُّع عندهم يتناول القِران، والَّذين رُوي عنهم (٤) أنَّه أفرد رُوي عنهم أنَّه تمتَّع.

أمَّا الأوَّل: ففي «الصَّحيحين» (٥) عن سعيد بن المسيَّب: «اجتمع عثمان وعلي بعُسْفانَ، وكان (٦) عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة، فقال عليٌّ: ما تريد إلى أمرٍ فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنهى عنه؟ فقال عثمان: دَعْنا منك، فقال: إنِّي لا أستطيع أن أدعَك. فلمَّا رأى علي ذلك أهلَّ بهما جميعًا». فهذا يبيِّن أنَّ من جمع بينهما كان متمتِّعًا عندهم، وأنَّ هذا هو الذي فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووافقه عثمان على أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، لكن كان النِّزاع بينهما: هل ذلك الأفضل في حقِّنا أم لا؟ وهل يُشرَع فسخ الحجِّ إلى العمرة في حقِّنا كما تنازع فيه الفقهاء؟ فقد اتَّفق علي وعثمان على أنَّه تمتَّع، والمراد بالتَّمتُّع عندهم القِران.


(١) ص، ع، مب: «بينهما».
(٢) «ابن تيمية قدَّس الله روحه» ليست في ق، ب، مب.
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ٦٦ - ٧٤). وقد اختصر المؤلف كلام شيخه.
(٤) ك: «رووا عنه».
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) ص، ك، ج، ع: «فكان». والمثبت من ق, مب.