للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الصَّحيحين» (١) عن مطرِّف قال: قال عمران بن حُصينٍ: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين حجٍّ وعمرةٍ، ثمَّ إنَّه لم ينهَ عنه حتَّى مات، ولم ينزل فيه قرآنٌ يحرِّمه. وفي روايةٍ عنه: «تمتَّع نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - وتمتَّعنا معه». فهذا عمران وهو من أجلِّ السَّابقين الأوَّلين أخبر أنَّه تمتَّع، وأنَّه جمع بين الحجِّ والعمرة.

والقارن عند الصَّحابة متمتِّعٌ، ولهذا أوجبوا عليه الهدي، ودخل في قوله تعالى: {أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦]. وذكر حديث عمر: «أتاني آتٍ من ربِّي فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقلْ: عمرةٌ في حجَّةٍ» (٢).

قال (٣): فهؤلاء الخلفاء الرَّاشدون عمر وعثمان وعلي وعمران بن حُصينٍ، رُوي عنهم بأصحِّ الأسانيد أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرَنَ بين العمرة والحجِّ، وكانوا يسمُّون ذلك تمتُّعًا، وهذا أنس يذكر أنَّه سمع النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يلبِّي بالحجِّ والعمرة جميعًا.

وما ذكره بكر بن عبد الله المزنيُّ عن ابن عمر أنَّه «لبَّى بالحجِّ وحده»، فجوابه: أنَّ الثِّقات الذين هم أثبتُ في ابن عمر من بكر مثل سالمٍ ابنه ونافعٍ رووا عنه أنَّه قال: «تمتَّع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة إلى الحجِّ»، وهؤلاء أثبت عن (٤) ابن عمر من بكر. فتغليطُ بكرٍ عن ابن عمر أولى من تغليط سالم (٥)


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أي شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ٧٠).
(٤) كذا في النسخ. وفي الفتاوى: «في».
(٥) في المطبوع بعده: «ونافع»، وليست في النسخ والفتاوى.