للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه، وتغليطِه هو على (١) النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ويُشبِه أنَّ ابن عمر قال له: «أفرد الحجَّ» فظنَّ أنَّه قال: «لبَّى بالحجِّ»، فإنَّ إفراد الحجِّ كانوا يطلقونه ويريدون به إفراد أعمال الحجِّ، وذلك ردٌّ منهم على من قال: إنَّه قرن قرانًا طاف فيه طوافين وسعى فيه سعيين، وعلى من يقول: إنَّه أحلَّ (٢) من إحرامه. فرواية من روى من الصَّحابة أنَّه أفرد الحجَّ تردُّ على هؤلاء.

يبيِّن هذا ما رواه مسلم في «صحيحه» (٣) عن نافع عن ابن عمر قال: أهللنا (٤) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجِّ مفردًا، وفي روايةٍ «أهلَّ بالحجِّ مفردًا». فهذه الرِّواية إذا قيل: إنَّ مقصودها أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أهلَّ بحجٍّ مفردٍ (٥)، قيل: فقد ثبت بإسنادٍ أصحَّ من ذلك عن ابن عمر أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تمتَّع بالعمرة إلى الحجِّ، وأنَّه بدأ فأهلَّ بالعمرة ثمَّ أهلَّ بالحجِّ، وهذا من رواية الزُّهريِّ عن سالم عن ابن عمر. وما عارض هذا عن ابن عمر: إمَّا أن يكون غلطًا (٦) عليه، وإمَّا أن يكون مقصوده موافقًا له، وإمَّا أن يكون ابن عمر لمَّا علم أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يحلَّ ظنَّ أنَّه أفرد، كما وهم في قوله: «إنَّه اعتمر في رجبٍ»، وكان ذلك نسيانًا منه، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا لم يحلَّ من إحرامه ــ وكان هذا حالَ المفرد (٧) ــ ظنَّ أنَّه أفرد.


(١) ع: «عن».
(٢) ع: «حل».
(٣) برقم (١٢٣١).
(٤) ك: «أهللت».
(٥) مب: «مفردًا».
(٦) ك، ع: «غلط».
(٧) ص: «الا المفرد»، خطأ.