للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأتى بالعمرة بعده من التَّنعيم أو غيره، كما يظنُّ كثيرٌ من النَّاس= فهذا غلطٌ لم يقله أحدٌ من الصَّحابة، ولا التَّابعين، ولا الأئمَّة الأربعة، ولا أحدٌ من أهل الحديث. وإن أراد به أنَّه حجَّ حجًّا مفردًا لم يعتمر معه، كما قاله طائفةٌ من السَّلف والخلف= فوهم أيضًا، والأحاديث الصَّحيحة الصَّريحة تردُّه كما تبيَّن. وإن أراد به أنَّه اقتصر على أعمال الحجِّ وحده، ولم يُفرِد للعمرة أعمالًا، فقد أصاب، وعلى قوله تدلُّ جميع الأحاديث.

ومن قال: «إنَّه قرَنَ»، فإن أراد به أنَّه طاف للحجِّ طوافًا على حدةٍ، وللعمرة طوافًا على حدةٍ، وسعى للحجِّ سعيًا، وللعمرة سعيًا، فالأحاديث الثَّابتة تردُّ قوله. وإن أراد أنَّه قرنَ بين النُّسكين، وطاف لهما طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا، فالأحاديث الصَّحيحة تشهد لقوله، وقوله هو الصَّواب.

ومن قال: «تمتَّع»، فإن أراد أنَّه (١) تمتَّع تمتُّعًا حلَّ منه، ثمَّ أحرم بالحجِّ إحرامًا مستأنفًا، فالأحاديث تردُّ قوله، وهو غلطٌ. وإن أراد أنَّه (٢) تمتَّع تمتُّعًا لم يحلَّ منه، بل (٣) بقي على إحرامه لأجل سَوْق الهدي، فالأحاديث الكثيرة تردُّ قوله أيضًا، وهو أقلُّ غلطًا. وإن أراد تمتُّع القران فهو الصَّواب الذي تدلُّ عليه جميع الأحاديث الثَّابتة، ويأتلف به شَمْلُها، ويزول عنها (٤) الإشكال والاختلاف.


(١) ك، ص، ج، ع: «به». والمثبت من ق، مب.
(٢) «أنه» ليست في ك، ع. وفي ص، ج: «به». والمثبت من ق، مب.
(٣) بعدها سقط كبير في ع.
(٤) ك: «عنه».