قلت:(نكتل) : أصله: نَكْتَيِِل، بوزن نفتعل، من الكيل، قلبت الياء ألفاً لتحرك ما قبلها، ثم حذفت للساكنين.
و (حفظاً) : تمييز، ومن قرأ بالألف فحال، كقوله: لله دره فارساً. أو تمييز، وهو أرجح. و (ما نبغي) : استفهامية، أو نافية. و (نمير أهلنا) : عطف على محذوف، أي: ردت فنستظهر بها ونمير ... الخ. قال في القاموس: مار يَمير بالكسر: جَلَب الطعام. هـ. و (إلا أن يحاط) : استثناء مفرغ من أعم الأحوال، أي: لتأتنني به على كل حال إلا حال الإحاطة بكم.
يقول الحق جلّ جلاله: فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ أي: حكم بمنعه بعد هذا، إن لم نذهب بأخينا بنيامين، فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ أي: نرفع المانع من الكيل، ونكتل ما نحتاج إليه. وقرأ الأخوان بالياء: يكتل لنفسه، فنضم اكتياله إلى اكتيالنا، وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ من أن يناله مكروه. قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ أي: ما آمَنكم عليه إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ، وقد قلتم في يوسف: وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ، فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً «١» فأثق به، وأفوض أمري أليه، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فأرجو أن يرحمني بحفظه، ولا يجمع عليّ مصيبتين.
وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ: أوعيتهم، وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي أي: ما نطلب، فهل من مزيد على هذه الكرامة، أكرمنا وأحسن مثوانا، وباع منا، ورد علينا متاعنا، ولا نطلب وراء ذلك إحساناً.
أو: ما نتعدى في القول، ولا نزيد على ما حكينا لك من إحسانه. أو: ما نبغي على أخينا، ولا نكذب على الملك.
هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا، هو توضيح وبيان لقولهم: ما نَبْغِي، أي: ردت إلينا فنتقوى بها. وَنَمِيرُ أَهْلَنا
(١) قراءة حمزة والكسائى وحفص: «حافظا» بالألف، وقرأ الآخرون: حفظا بغير الألف، على المصدر، انظر الإتحاف (٢/ ١٥٠) .